للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكن إذا انتقلنا إلى البلاد العربية وجدنا الحال غير الحال فالمريض يوضع في مستشفى خاص بالأمراض العصبية وتحت إشراف السلطان، الذي كان يزورهم أسبوعيًا ويتولى الأطباء العناية بهم ورعايتهم بخلاف الحال في أوربا فقد ظلت حتى القرن التاسع عشر تعاملهم معاملة المجرمين، وأسبانيا فقط هي التي احتفظت بالتراث العربي فكان تضع مثل هؤلاء المرضى في مستشفيات تعرف باسم «الأبرياء». أما إنجلترا فلم تقبل على الأخذ بمذهب العرب في معاملة هؤلاء المرضى إلا عام ١٧٥١. وفي أواخر القرن الثامن عشر نجح الطبيب الفرنسي «بينيل» في فرنسا في إخراج هؤلاء المرضى المكبلين في الأغلال من الدير ووضعهم تحت الرعاية الطبية. وليس فقط مرضى الأمراض العصبية هم الذين ابتلوا بهذه المعاملة الوحشية القاسية بل شاركهم فيها مرضى آخرون وهم أولئك الذين لا يستطيع الإنسان معرفة أسباب أمراضهم، حيث نسبت جميعها إلى الشياطين؛ لذلك كانت وسائل التخلص من هذه الأرواح النجسة الضرب والتعذيب؛ وظل الحال كذلك حتى القرن التاسع عشر إذ نجد الطبيب الشاعر «يوسنينوس كرنر»، أحد أبناء قرية «فينزبرج» وهو الصديق الحميم لشاعر ألمانيا الخالد «جوتة»، ومع هذا الطبيب الشاعر بعض أساتذة جامعة ميونخ أمثال: «شوبرت» و «بادر» و «فون رينجسيس»، وكذلك أستاذ جامعة توبنجن وهو «إشيماير» وأستاذ جامعة «ليبزج» المسمى «هينروت» يجددون الكتابة في موضوع حلول الأرواح الشريرة في الناس، ويعتقدون كذلك أن الإصابة بها تأتي بسبب الخطايا التي يرتكبها بعض الناس. أما الشفاء منها فلا يتم إلا بطرد الشياطين؛ وذلك عن طريق الصلاة والابتهال والتوجه إلى القديسين. فهذا التزاوج الجديد بين الطب والديانة المسيحية نادى به عام ١٨٢٤ م أستاذ جامعة «ليبزج» المسمى «فينديشمان» فقد قال كلماته المشهورة: «إن المرض يحل بالنفس التي ينصرف صاحبها إلى الملذات والشهوات فتتهيج الروح وتثور. أما الطبيب الذي يجهل طرد الأرواح الشريرة فهو لا يدرك العلاج الصحيح لمثل هذه الحالات، لذلك فالقوم في حاجة إلى علاج مسيحي».

وهناك مثل عربي معناه أن الذي يشغل نفسه بجمع اللآلئ يجب أن يحرص على

<<  <   >  >>