للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثابت بن قرة وحنين بن إسحق. وهكذا نجد الطب العربي يخطو خطوات هامة بعد أن اجتاز مرحلة البدء، فقد ظهر الرازي وجعل الطب علمًا عربيًا مستقلًا قائمًا بذاته، كذلك الحال مع الرازي والطب العربي، فكلاهما نهضا بالطب نهضة أبعد وأعمق مما كان عليه من قبل، فقد أخذ الطب اليوناني تجارب وعلوم الشرق القديم ومصر، ومن ثم استقل وشق طريقه إلى الحياة. وأبقراط هو الذي اعترف له العالم بفضله فلقبه بلقب «أبي الطب»، وإن كان الطب اليوناني في عصره لم يكن على الأعتاب بل كان قد خطا خطوات واسعة في سبيل التقدم، كما أن أبقراط لم يكن هو أول من ابتدع الطب في اليونان بل كان حلقة في سلسلة طويلة، إلا أن المعرفة التي تحلى بها أبقراط لم يكتسبها عن معاصريه لأنهم لم يأتوا بجديد. أما الرسائل التي ظهرت فيما بعد في الإسكندرية حاملة اسم أبقراط فلم تشتمل إلا على معلومات قديمة إلا أنها تهتم بالحديث عن الصلة بين الطبيب والمريض.

وكما رأينا العرب يتبرمون من المشعوذين والدخلاء كذلك الحال عن اليونان، وقد سبق إلى ذلك أبقراط فانبري مهاجمًا أولئك الأدعياء، وأخذ يتحدث عن الطبيب المثالي، الطبيب الحر لا الكاهن من بين رجال الدين الخاضعين لمؤثرات أخرى دينية. أما المبادئ الإنسانية التي نادى بها أبقراط فهي إنسانية عامة تربط بين جميع الأطباء وفي مختلف الشعوب والأمصار، كما تجعل منهم وحدة قوية.

ونحن نجد أبقراط من ناحية أخرى مثالا يتحذى به وإليه تنسب طريقة معالجته الخاصة للأمراض ومعاملة المريض. وهذه الطريقة تعارض الوسيلتين اللتين كانتا مستخدمتين وسائدتين في تاريخ الطب القديم، وباستخدام الطريقة المدرسية أصبحتا قويتين وعارضتا مدرسة «أسكلبيادن» في «كنيدوس» و «كوس» التي كان يمثلها أبقراط.

فحكيم «كوس» استفاد بأهم خصائص الطبيعة اليونانية الخيالية الفلسفية التي تصبغ ما يشاهده اليوناني بلونها، فهذه الطبيعة إن أفادت في الرياضيات والطبيعيات فهي ضارة بالطب القائم على التجارب كما هو الحال مع الفلاسفة

<<  <   >  >>