للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكن جميع وأجود كتب الطب التي وضعها الأطباء العرب بما فيها الكتاب الملكي وسائر مؤلفات اليونان وعلماء الإسكندرية تتضاءل أمام: قانون ابن سينا، فقد ترك هذا الكتاب الذي وضعه أمير الأطباء أثرًا بعيدًا ظل قويًا فعالا عدة قرون لا في الشرق فقط بل في الغرب أيضًا، وهو في تاريخ الطب لا يعدله كتاب آخر.

فقد ضم هذا الكتاب بين دفتيه سائر فروع الطب نظريًا وعمليًا مع تنوع مواضيعها، وتمكن المؤلف منها فأجاد عرضها وأحسن تأليفها وأبدع تنظيمها وتبويبها، وخرج الكتاب في صورة قلمّا نجد كتابًا آخر يدانيه فيها. فقد ذكر مؤرخ الطب «سيدهوف» حول هذا الكتاب ما معناه: «إنه إنتاج شامل كأنه صب في بوتقة، وهو وحيد في نوعه بين سائر المؤلفات الطبية في مختلف العصور».

ومما يؤسف له حقًا أن مجموعة من ملاحظات وأبحاث ابن سينا التي أراد أن يلحقها بقانونه قد ضاعت من قبل نشرها ففقدت الإنسانية بفقدانها ثروة علمية طائلة، وذلك لأن العبقرية الجابرة لابن سينا قد أثرت عن طريق هذا الإنتاج العلمي تأثيرًا عظيمًا حتى إن الخلف عجز عن هضم آثاره أو الاستفادة منها الاستفادة الكاملة والإنسانية تمجد ابن سينا تمجيد العالم القديم جالينوس وبخاصة أنها تشعر أن تعاليم ابن سينا جاءت مكملة لتعاليم جالينوس.

ولهذا التقدير لابن سينا أسبابه التي نلمسها في ترتيب وتنظيم وإيضاح وعمق معلوماته ومؤلفاته التي امتازت على سفسطة واضطراب جالينوس، فضلا عن عدم صحة ما جاء في مؤلفاته من معلومات سطحية مشحونة بالأخطاء وبخاصة عند حديثه عن السوائل، كما ذكر ذلك «فون فيلامو فيتس موليندورف».

إن ابن سينا هو العالم الذي استطاع -وبحق- القضاء على شهرة جالينوس وسائر اليونانيين، وابن سينا هو الذي حطم هذا التمجيد وذلك التقديس لعلماء اليونان قرونًا عديدة. وابن سينا هو العربي الثاني الذي يطل إلى جانب الرازي من قاعة محاضرات كلية طب باريس، وابن سينا هو أكبر أساتذة الطب ومعلم أوربا فترة لا تقل عن سبعة قرون.

<<  <   >  >>