للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

في البحث والدرس وذكرهم جميعهم ودرس كتبهم دراسة فاحصة ناقدة بل قام هو بتجاربه الخاصة عليها، فقد رحل من مالقا مسقط رأسه وزار جميع بلاد إسبانيا ومراكش وشمال إفريقيا ومصر وسوريا وآسيا الصغرى، وقد شاهد بعينيه، واقتنع، أكثر من ألف وأربعمائة مرة بكل ما دونه. ومن الجدير بالبحث حقًا العناية بابن البيطار عند درسه وتأليفه لنذكر كيف كان التأليف في أوربا، وكذلك كيف استفاد قنسطنطين الإفريقي والعلماء الأوربيون من هذه المصادر العربية الفنية.

فابن البيطار يذكر في مقدمة كتابه الجامع لمفردات الأدوية والأغذية ما يأتي:

«الحمد لله الذي خلق بلطيف حكمته بني الإنسان واختصه بما علمه من بديع البيان وسخر له ما في الأرض من جماد ونبات وحيوان وجعلها له أسبابًا لحفظ الصحة وإماطة الداء يستعملها بتصريفه في حالتي عافيته ومرضه بين الداء والغذاء. نحمده حمد الشاكرين ونصلي على أنبيائه أجمعين «وبعد» فإنه لما رسم بالأوامر المطاعة العالية المولوية السلطانية الأعظمية الملكية الصالحية النجمية لا زالت نافذة في المغارب والمشارق وأرزاقها شاملة لكافة الخلائق وبواترها ماضية في قمم الأعداء والمفارق بوضع كتاب في الأدوية المفردة نذكر فيه ماهياتها وقواها ومنافعها ومضارها وإصلاح ضررها والمقدار المستعمل من جرمها أو عصارتها أو طبيخها. والبدل منها عند عدمها قابل عبد عتباتها وغذى نعمتها هذه الأوامر العالية بالامتثال وسارع إلى الانتهاء إليها في الحال ووضع هذا الكتاب مشتملا على ما رسم به وعرف بسببه، وأودع فيه من ذلك أغراضًا يتميز بها عما سواه ويفضل على غيره بما اشتمل عليه وحواه.

(الغرض الأول) بهذا الكتاب استيعاب القول في الأدوية المفردة والأغذية المستعملة على الدوام والاستمرار عند الاحتياج إليها في ليل كان أو نهار مضافًا إلى ذلك ذكر ما ينتفع به الناس من شعار ودثار، واستوعبت فيه جميع ما في الخمس مقالات من كتاب الأفضل «ديسكوريديس» بنصه. وكذا فعلت أيضًا بجميع ما أورده الفاضل جالينوس في الست مقالات من مفرداته بفصه، ثم ألحقت بقولهما من أقوال المحدثين في الأدوية النباتية والمعدنية والحيوانية ما لم يذكراه ووصفت فيه

<<  <   >  >>