للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تناولها العرب خففوها عن طريق عصير الليمون أو البرتقال أو إضافات أخرى. أما الأدوية التي كان يركبها جالينوس من خليط خاص فقد استعاض عنها ابن سينا بآخر أبسط لا ضرر منه. وفي كتاب القانون لابن سينا نجده يذكر ما لا يقل عن سبعمائة وستين دواء، وقد انتقلت جميعها إلى النباتات والصيدلة الأوربية. وبعض هذه الأدوية ما زالت محتفظة بأسمائها العربية حتى اليوم مثل: عنبر، دار صيني، زعفران، خشب الصندل، السني، الكافور، تمر هندي، عود، حشيش، خلنجان، جوز الطيب.

وفي الشرق عرفت مؤلفات أبقراط وجالينوس، كما جمع «ديوسكوريديس» كل ما يتصل بطب العالم القديم، وقد وصل هذا الكتاب إلى أوربا عن طريق بعثة دبلوماسية، فالقيصر البيزنطي قنسطنطين السابق الذي عرف كيف يؤثر على الحكام العرب، وأرسل عام ٩٤٨ م بعثة خاصة مزودة بكتاب غني بالرسوم إلى حاكم الأندلس، وكان القيصر يطمع عن طريق هذه الهدية القيمة في النجاح في عقد محالفة مع عبد الرحمن الثالث ضد خليفة بغداد. ولما لم يوجد في الأندلس من يستطيع فهم يونانية هذا الكتاب فهمًا جيدًا لتقدير قيمة هذه الهدية الثمينة طلب عبد الرحمن من بلاط القسطنطينية إرسال مترجم إليه. وفي عام ٩٥١ م وصل إلى قرطبة الراهب نيقولا، وكان يستطيع التفاهم مع الأطباء هناك باللغة اللاتينية، وهكذا تعاون معهم وترجموا هدية القيصر إلى العربية.

لكن عرب الأندلس لم يكونوا متخلفين في علم النبات والعقاقير فالطبيب الخاص للخليفة وهو ابن جلجل ألف كتابًا عن مآخذ ديوسكوريديس، ومن ملاحظاته الخاصة وتجاربه الكثيرة تجمعت لديه المادة لوصف أكثر من ألف وأربعمائة عقار نباتي ومواد أخرى قد يستعاض بها. وعقاقير ابن البيطار (١١٩٧ - ١٢٤٨) أعني ابن الطبيب البيطري، وهو أكبر عالم نباتي عربي جمعها عدا المواد الحيوانية والمعدنية.

فالكتاب يحتوي على جميع الصيدلة في عصره، وقد كان كتابًا عظيمًا جدًا علميًا وفنيًا، فابن البيطار لم ينقع بدراسة مؤلفات نحو مائة وخمسين عالمًا سبقوه

<<  <   >  >>