للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١١٩٣ - ١٢٨٠)، وهو يسمى «ألبرتوس مجنوس»، والإنجليزي «روجير بيكون» (١٢١٤ - ١٢٩٢) وكانوا جميعهم يدرسون في باريس مؤلفات كبار العلماء العرب.

وقد أقبل جميعهم على دراسة الكيمياء، وقد أعمتهم فكرة البحث عن حجر الحكمة الذي يحول المعادن ذهبًا، وكذلك أثره في إطالة العمر. وكان العرب هم المرجع الوحيد لهؤلاء الباحثين عن حجر الحكمة، وكان هذا بدهيًا، لذلك كان هؤلاء الكيمائيون في حالة تصوف ويقظة مثل «ريمون ليل» أو «ألبرت» الذي كان يتظاهر بالسعي وراء العلم والحقيقة العلمية فقط. ولم يهتد أولئك العلماء إلى نتائج جديدة أو مستقلة، وقد انتهت جميع محاولاتهم إلى تأييد ما توصل إليه العلماء العرب، وكان الأوربيون عبارة عن مترجمين فقط.

اثنان من بين هؤلاء العلماء حرصا على الاستقلال العلمي وحرية البحث، وهذا الاثنان نظرًا إلى الصيدلة العربية والكيمياء العربية على أنهما مادة حية وهذه المادة يجب أن تخضع للبحث والتجارب، وبذلك فقط يستطاع إنقاذ الصيدلة والكيمياء والعلوم العربية من الضياع. فهذا العالمان المتحرران اللذان سارا في نفس الطريق الذي سبقهما إليه الرازي، هما «روجير بيكون» و «أرنلد» المنتسب إلى مدينة «فيلانويفا». لكن من الناحية العلمية لم يتفوق «بيكون» على زملائه المعاصرين ففكرة التجربة أخذها عن العرب لكن أخذها نظريًا أكثر منها علميًا، وهذا هو المرشد الذي هدى اللاحقين من العلماء إلى الاتجاه إلى الكيمياء التجريبية.

لذلك كان كل من «روجير بيكون» و «أرنلد» في عصرهما كالنجمين الساطعين اللذين خرجا من العصور الوسطى المظلمة إلى النور، فهنا نجد هذه الروح التي انبعثت من حكمة الوزير العربي الطبيب الشاعر ابن الخطيب الغرناطي حيث قال في صدد الحديث عن العلم: «ثم المسائل المنقولة عن العلماء الجلة، والتدرب في طرق النظر وتصحيح الأدلة، وهذه هي الغاية القصوى في الملة .. ».

إن الأثر المباشر للعرب على أوربا في الصيدلة ظل طيلة عصري الإنسانية والنهضة، بل ظل تأثيره قائمًا حتى القرن التاسع عشر. ففي عام ١٧٥٨ أعيد نشر

<<  <   >  >>