الإسلامي، قرن الفتوحات وانتشار الدين الإسلامي وكتاب الله، القرآن الكريم، ففي تلك اللحظة انبثقت العلوم والمعارف وتفتحت البراعم بعد جفاف فصل الشتاء وظهرت العلوم العربية. وبعد فترة وجيزة من الزمن عمت العالم وأصبحت ثقافة عالمية.
ثم سرعان ما نجد الإسلام الفتى يندفع في كل اتجاه منحرف أو ضعيف أو يصطدم مع العقائد الأخرى. ففي مكان ما نجد ممثلي العقائد المحافظة ينبرون للدفاع عن عقائدهم. وفي مكان آخر تنقسم الجماعات شيعًا وأحزابًا حتى المحافظين، وتأهبت كل جماعة للقضاء على الأخرى، ونجد الإسلام الفتى لا يقف من هذه الخصومات وتلك الخلافات الدينية مكتوف اليدين بل يقتحم المعركة وينازعها فلسفتها وعقائدها الدينية ويخوض هذه المعارك الكلامية والعقائدية والفلسفية.
وقد أفاد هذا النشاط الإسلام فائدة كبرى وذلك لأنه، لفائدته أو لضرره، كان في وضع يغاير وضع المسيحية المعاصرة له، فالإسلام لا يعرف لدى الله وسيطًا؛ ولذلك لا كهنوت أو كهنوتية منظمة قائمة ثابتة لها سلطانها القوي، وبخاصة في الظروف الحرجة، وعامة المسائل قد تكون موضوع خلاف كبير جدًا، لكن مجال الزندقة أضيق وأقل حتى في الحالات التي نجد فيها الخليفة محافظًا جدًا متماسكًا أو متسامحًا كخلفاء العباسيين من المنصور حتى المأمون. وحيث الاتجاه المحافظ يهيمن ويسيطر على التسامح الديني تتجمد العلوم سريعًا. ولما قضى المغول على الزعماء الدينيين؛ كما قضى عليهم الأسبان كانت التهمة الموجهة إلى رجال الدين الذين بلغوا مرحلة الاحتضار القضاء على الثقافة ومختلف الآداب والعلوم.
وقد أدت هذه الخصومات والمجادلات الدينية إلى إحداث يقظة عقلية دينية حية حالت دون تجميد الإسلام، كما اضطرته إلى الاستعانة بمختلف العلوم والمعارف التي أدت بدورها إلى خلق قوى عقلية ما كانت بمنتظرة، فنجد الفرائض الدينية وما يتطلبه تنفيذها والعمل بها وبخاصة ما يتصل بالحياة اليومية: ضرورة علاج وشفاء ومنع انتشار الأوبئة في المدة الغاصة بملايين السكان، كذلك العمل على إيجاد أدوية جديدة وتجربتها، لذلك اقتحم العلماء العرب مملكتي الحيوان والنبات يروون