للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

محاضرات مشاهير فلاسفة عصره كما تزاور معهم، وكان على صلة قوية بهم وبمختلف الهيئات العلمية التي لعب دورًا هامًا في الحياة العقلية العربية في القرن العاشر الميلادي، لقد كان ابن النديم صديقًا حميمًا لعلي بن عيسى أكبر طبيب عيون في العصور الوسطى، كما كان صديقًا لكثيرين من العلماء الآخرين البارزين، وكان يمضي الليل معهم في محاورات ومساجلات وندوات علمية؛ وهذا العالم الفاضل الواسع الاطلاع لم يكن نادرًا في ذلك العصر وفي تلك البيئة بين زملائه المنتشرين في مختلف مراكز الثقافة العربية والذين كانوا يأتونه بإنتاج العصور المختلفة في مختلف فنون العلوم والمعارف. ومن بين هذه الكتب التي كانوا يحضرونها إليه القديمة النادرة وهي مصادر هامة لعلم فهرسة الكتب ومعرفتها ولا يبحث عنها الناشر بل الوراق الذي كان يتنقل بين مختلف المدن باحثًا عن كنوز علمية جديدة تملأ خزائنه. ومما يذكر نقلا عن ابن أبي أصيبعة في ترجمته لحياة الطبيب «أفرايم بن الزفان» ما نصه:

«هو أبو كثير أفرايم بن الحسن بن إسحق. . . وهو من الأطباء المشهورين بديار مصر، وخدم الخلفاء الذين كان في زمانهم، وحصَّل من جهتهم من الأموال والنعم شيئًا كثيرًا جدًا. وكان قد قرأ صناعة الطب على أبي الحسن علي بن رضوان وهو من أجلِّ تلامذته، وكانت له همة عالية في تحصيل الكتب، وفي استنساخها حتى كانت عنده خزائن كثيرة من الكتب الطبية وغيرها، وكان أبدًا عنده النساخ يكتبون ولهم ما يقوم بكفايتهم منه. ومن جملتهم محمد بن سعيد بن هشام الحجري وهو المعروف بابن ما ساقة، ووجدت بخط هذا عدة كتب قد كتبها الأفرايم وعليها خط أفرايم. وحدثني أبي أن رجلا من العراق كان قد أتى إلى الديار المصرية ليشتري كتبًا ويتوجه بها وأنه اجتمع مع أفرايم واتفق الحال فيما بينهما أن باعه أفرايم من الكتب التي عنده عشرة آلاف مجلد وكان ذلك في أيام ولاية الأفضل بن الأمير الجيوش. فلما سمع بذلك أراد أن تبقى تلك الكتب في الديار المصرية ولا تنتقل إلى موضع آخر فبعث إلى أفرايم من عنده بجملة المال الذي قد اتفق تثمينه بين أفرايم والعراقي ونقلت الكتب إلى خزانة الأفضل وكتب

<<  <   >  >>