للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وطرابلس الشام وطبرية بفلسطين و «ياتيفا» الشهيرة بالقرب من بلنسية في الأندلس، ثم نجد مجلدي الكتب يطبقون الورق على الطريقة الصينية مثنى ورباع وثمان وسداس عشر في الحجم المعروف باسم المنصوري أو كما يعرف الآن باسم «فوليو» والبغدادي وهو المعروف الآن باسم «كوارت».

وكما نجد اليوم الكتب كذلك الحال مع عمال الجلد فهم الذين كانوا يزخرفون جلد الكتاب. وكم رزمة ورق وكم لتر مداد من الكحل والصمغ العربي تستهلك سنويًا؟ وكم من ورق غزال أو ماعز يستخدم والرق الجميل والسختيان وغيرها؟

فتجارة الكتب والصيدلة مهنتان من اختراع العرب. فتاجر الكتب رسول من رسل الثقافة، كما أن مكان بيعها مركز ثقافي هام في المدينة. فهذه التجارة وجدت أولا لزمن طويل فقط عند العرب.

ففي سوق الوراقين هكذا كان يسمى الحي الواقع عند باب البصرة حيث كان يوجد أكثر من مائة وراق في محالهم -كان يلتقي علماء بغداد، وعلماء العالم الإسلامي. هنا يلتقي الفيلسوف مع الشاعر والفلكي حول الكتب الجديدة، وهنا التقى الطبيب مع المؤرخ وجامع الكتب النادرة، وهنا كانت تعقد حلقات المحاورات العلمية والندوات الأدبية، فهنا مركز الثقافة العربية، هنا يتبادل العلماء الآراء.

لذلك لا عجب إذا ظهر عام ١٠٠٠ م «كتاب تبادل الآراء»، وهو يشتمل على مائة حديث وستة جرت بين العلماء في بيت فيلسوف حينًا وفي سوق الوراقين أحيانًا.

وفي ذلك العصر ظهر فهرس ابن النديم، وهو من أشهر تجار الكتب كما كان من كبار العلماء، وفي هذا الفهرس ذكر سائر الكتب العربية الأصيلة أو المنقولة إليها من اللغات الأجنبية. وقد عرف كل مؤلف أو كل كتاب بمقدمة شخصية يعرف فيها القارئ بصاحب الكتاب. وقد قدم ابن النديم لهذا الكتاب بمقدمة تحدث فيها عن حيل الوراقين وآلاعيبهم.

وابن النديم كزملائه الوراقين على جانب عظيم من العلم والمعرفة، فقد حضر

<<  <   >  >>