للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إنه في القدس وعلى مشهد من العالم أثبتت سياسة فريدريش البعيدة «أن صداقته من الأمراء العرب وفرت كثيرًا من إراقة الدماء المسيحية».

إن المفاوضة مع الوثنيين! ! -ونسي أن «جوتفريد فون بويليون» والمندوب البابوي «بيلاجيوس» قد تفاوضا مع الوثنيين- فقط هي التي انتهت إلى السماح للوثنيين بإقامة الصلاة في القدس، وهذا هو السبب الذي من أجله اعتبرت الكنيسة القيصر فريدريش الثاني خائنًا ومسيئًا للدين وأنه ابن شيطان ويعمل ضد المسيح وفي مقدمة الأشرار الذين سيصلون النار.

كما أن نجاح وتوفيق القيصر الذي حرمته الكنيسة، هذا النجاح الذي لم تحرزه سائر جيوش الصليبيين آلم خصومه إيلامًا شديدًا كما حط من قدرهم وكرامتهم حتى إنه يقال إن جريجور التاسع حرض رؤساء جماعة الداودية والهوسببتالر على إرسال مندوب سري إلى الكامل يبلغه أنهم علموا أن القيصر سيحج في صحبة نفر قليل في ساعة معلومة فينتقل من القدس إلى موضع المعمورية على الشاطئ الغربي لنهر الأردن. والفرصة سانحة للسلطان ليقبض على القيصر ويقتله، فتألم السلطان من هذه الخيانة ألمًا شديدًا ولا سيما أنها صادرة من فارس الخليفة الروماني، فما كان من السلطان إلا أن أرسل هذه الرسالة الممهورة بتوقيع رئيس طائفة الداودية، وقد كتب السلطان الكامل إلى القيصر قائلا: «إن هذا الوثني مثله مثل عمه صلاح الدين يخجل أشد الخجل مما تقترفه هذه العصبة التي يدعي أفرادها أنهم المسيحيون الحقيقيون والذين يؤمنون بالحب المسيحي أن مثل هذه الجريمة تجرح فتوته».

وهكذا ظلت الكنيسة لآخر لحظة تحارب فريدريش الثاني وتحاول إحباط كل خطواته أو إقامة العراقيل في طريقه وإفساد كل أعماله، ولما تسلم عند باب يافا في القدس مفتاح المدينة من يد مندوب السلطان وسار في الطريق مع الألمان الذين كانوا معه، وقد أخلى المسلمون الشوارع من المارة، حرم أسقف قيصرية دخول المدينة على المسيحيين، كما حرم عليهم إقامة الشعائر الدينية في الكنائس، كما رفض رجال الدين قبول القرابين، وأخذ رجال الدين المسيحيون يحرضون رجال الجيش على الثورة ويطالبونهم إلى جانب ذلك بوجوب القيام بأعمال السلب والنهب،

<<  <   >  >>