للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

متأثرة بالشيء المقدس القائم في وسطها. كذلك نجد نفس هذه الفكرة في المعسكرات في العصور الوسطى حيث سلاح الفرسان.

أما الآن فقد تحولت إلى أبراج للسكن والإقامة للفارس وأسرته، وفي أعلى التلال وقمم الجبال نجد أبراج الحراسة وحول البرج المقام نجد البرج الرئيسي الذي هو مركز الارتكاز وحوله دوائر مملوءة خشبية وخنادق وأسوار.

أما البرج العربي فشيء آخر، ففي أوائل العصر الميلادي نجد بلاد العرب الجنوبية تنهض به نهضة عظيمة متمشية مع سلاح فرسانها العظيم. فحصونها القوية المشيدة من الصخور قد جمعت إلى بعضها عن طريق معدن مصهور، وقد ظلت هذه الحصون قائمة قروناً عديدة وهي ليست مستديرة الشكل بل مربعة وذات زوايا قائمة، فقد انتزع سادة اليمن وحضرموت صخوراً من الحيطان مربعة الشكل يبلغ سمك الصخرة نحو خمسة أمتار، كما أن ارتفاع البرج لا يقل عن ارتفاع عشرين طابقاً وقد أقاموها في رمال الصحراء. أما الأركان الأربعة فكانت تحميها وتدافع عنها أبراج أربعة مصقولة ملساء. وفي جوانب الحيطان الشامخة نجد الأبواب التي تحميها أبراج صغيرة. وفي أثناء الحروب تأوي إليها القبائل بإبلها وغنمها.

وفي القرن الرابع الميلادي نجد هذه الأبراج المتناسقة المشيدة على أسس وقواعد رياضية تنتقل إلى سائر أنحاء الجزيرة العربية، ومن ثم أخذت تنتشر حتى بلغت بيزنطة. وإلى القرن الخامس الميلادي يرجع تاريخ البرج الصغير المعروف باسم «قصر الخير» الموجود في سوريا وطوله نحو سبعين متراً وزواياه قائمة وعليها الأبراج وأربعة أبواب للأبراج والحيطان. وبجواره مباشرة بني حوالي عام ٧٢٨ الخليفة الأموي هشام قصراً فاخراً مثله تماماً إلا أنه أعلى وأضخم. وبين أبراج الزوايا الأربع تقوم حيطان يبلغ ارتفاع الحائط منها ثمانية وعشرين متراُ وطوله مائة وسبعين مترا. وفي كل باب برج يحميه. وإبان حكم هشام باني القصر انقضت الجيوش العربية في أقصى الغرب من جبال البرنات على فرنسا، ومع الجيوش العربية زحفت الأبراج العربية إلى إسبانيا والبرتغال وغيرهما فقضت الأبراج الحجرية على الطريقة الخشبية القديمة التي كانت سائدة في الأبراج الأوربية.

<<  <   >  >>