للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعن عرب إسبانيا تعلم الفرسان الأوربيون وبخاصة في فرنسا وإنجلترا، كما أخذت أوربا هذا الفن المعماري العربي مباشرة من فلسطين وسوريا فالأبراج المعروفة باسم أبراج الصليبيين وأشهرها هذا المعروف باسم «مارد الفرسان» أقدم من الحروب الصليبية ولم يؤخذ عن الأبراج الأوربية للفرسان، هذه الأبراج المستديرة كما يريد أن يقتنع المؤرخون الأوربيون.

وهكذا نجد أيضاً القيصر فريدريش الثاني مثله مثل الفرنسيين والإنجليز الذين عادوا من الشرق يتأثر بفن المعمار العربي في قلاعه الحكومية التي أمر بتشييدها. ففي العام العشرين حصن في صقلية جميع مراكز الدفاع التي تصدعت أو تهدمت، هذه المراكز الدفاعية التي ترجع إلى العصرين العربي والنورماني، كما استخدم التصميم العربي في مبانيه الجديدة التي أمر بتشييدها في «سراكوز» و «كتانيا». ولم يكد يعود من القدس حتى وضع خطة جديدة للبناء تطلب إنجازها عشرات السنين كما أقام في طول البلاد وعرضها شبكة من الأبراج الضرورية للدفاع عن البلاد أو إدارتها، ومن هنا أصبحنا نجد في «باري» و «تراني» و «برنديزي» وفي مدن أخرى كثيرة جداً ما يعرف في إسبانيا باسم «كوكا» وفي فرنسا «باستيل» أي قلعة أو برج أو حصن وفي إنجلترا «بوماري» وجميعها قد أخذت عن العرب، فالتصميم والفن والأقواس المدببة والسهام كلها عربية، هذا إلى جانب الحيطان المربعة الضخمة وبعض الزخرفة التي نشاهدها في مباني فريدريش تبين بوضوح تصميمها العربي، وكذلك الأسماء المنحوتة عليها تؤيد هذه الأصالة العربية.

ومن هذه الأبراج الأشتوفية التي أقامها فريدريش الثاني في جنوب إيطاليا سرت موجة تقليدها إلى شمال إيطاليا وألمانيا حيث نجدها في أبراج الطوائف البروسية. ووجودها في بروسيا لم يكن صدفة، فمؤسس الطوائف الألمانية ورئيسها هو «هرمان فون سلزا» وفرسان جماعته وطوائفه كانوا في الواقع من حاشية القيصر الأشتوفي. ولم تتأثر هذه الطوائف الألمانية بهذا الفن المعماري العربي فقط بل بالأفكار أيضاً التي نقلوا الكثير منها من مملكة فريدريش إلى شرق ألمانيا ولو أن فريدريش نفسه جاء بها من الخارج، من الشرق، من العرب.

<<  <   >  >>