الموجب لعدم الغلط؟ ، وكيف يرى شيء داخل الحدقة مع أن الأشياء القريبة من الحدقة جداً لا ترى فلا يرى أحد ما التصق من جفنه على حدقته؟ ».
والواقع أن مثل هذه الأسئلة التي يوجهها الأمير المسيحي تدل على كفاحه في سبيل تمزيق حجب الجهالة المنتشرة في أوربا، ومثل هذا الجهد قد قابله العالم العربي بكل تقدير وإعجاب، وهذا يؤكد ما قاله سياسي عربي في القيصر فريدريش الثاني:«والواقع أن العالم المسيحي لم يعرف منذ عهد الإسكندر حاكماً كهذا».
فهذه الشهرة التي يتمتع بها القيصر جذبت إليه مسيحياً يعقوبياً من أنطاكية وكان قد درس على كمال الدين بن يونس في الموصل الفلسفة والرياضيات والفلك، كما درس الطب في بغداد ثم تعرف على رسول الإمبراطور في قصر حاكم أرمينية، ومن ثم توجه إلى مقر القيصر في «فوجيا» حيث نجده وهو المعروف باسم السيد تيودور في مناسبة استقبال القيصر لليوناردو فون بيزا.
ثم توفي فيلسوف القصر وهو ممثل العلوم العربية الغربية الأندلسية واسمه «ميخائيل سكوتوس» وكانت وفاته إبان رحلة قام بها مع القيصر عام? ? ? ? م في ألمانيا، لذلك عين القيصر فريدريش الثاني السيد «تيودور» ممثل العلوم العربية الشرقية خلفا له، وقد أبدى «تيودور» في هذه الوظيفة الجديدة، أعنى كبير فلاسفة القصر، نشاطاً عظيماً، وظل هذا العربي متقلداً هذا المنصب حتى قبيل وفاة القيصر بشهور قليلة. وتقول الشائعات إن هذا العالم واسع الاطلاع هو الذي كان يعد الدواء والمواد المسكرة للقيصر، لذلك اتهم بالمسئولية في وفاته، ويقال إنها تسببت عن كمثرى مسكرة أعدتها يد خائبة فكانت سبباً في نكسة القيصر فوفاته.
وكان هذا العربي الواسع الاطلاع كثير التدخل في أعمال القيصر إذ كان يتناقش مع القيصر حول مسائل رياضية وفلكية، كما وضع له تقوا وشارك في أعمال المجلس وكان يقوم بجمع المراسلات مع الحكام العرب، وكثيراً ما سافر في بعثات سياسية إلى قصور أمراء العرب، ويعقد باسم القيصر المعاهدات التجارية. وكان كذلك بحكم وظيفته أيضاً ككبير أطباء القيصر يعد بنفسه الأشربة للقيصر ولسائر موظفيه، كما ألف للقيصر وفي أسلوب جيد جداً رسالة في وجبات الطعام، وقد