حفلة أو مناسبة كريمة في القرن العشرين وحيث تتاح لك الفرصة لتحقيق رغبة في تقبيل يد سيدة، فإنك تبرهن لها على مكانتك، وحيث تسيطر عليك مشاعرك الحقيقية وذلك بركوعك أمام حبيبتك فإنك مقلد لمحب عربي.
وإذا كررت هذا الصنيع وهذه اللغة وتلك الإشارات، وأنت في موقف الاستسلام والخنوع والخضوع أمام السيدة التي تقدسها، فإنما تأتي بعادة ثانية اكتسبتها أوربا من العرب، وكانت قبل الاتصال بهم تجهلها جهلاً تاماً، وقد تعلمتها أوربا عن العرب، كما تعلمت أشياء أخرى كثيرة، وهي تمارسها بالرغم من المتاعب والمشاق التي تتطلبها لأسباب تربوية كثيرة، وقد يقدمها الزوج إلى زوجه لوقوعه في خطيئة حواء وضعفه واستسلامه. هنا نجد استسلام الرجل لإرادة المرأة، وهناك استسلام المرأة لإرادة الرجل. وهكذا نجد نوع العلاقات الجنسية وقيامها بين الاثنين والذي ظل في أوربا قرونا طويلة موضوع نزاع حول محاولة كل طرف إحراز النصر على الآخر. والواقع أن العوامل التي نشأت بين الرجل والمرأة من حيث الرغبة في السيطرة، وأن كلا يشعر أنه هو صاحب الحق. أن هذه العوامل في الواقع دخيلة على أوربا غريبة عن الأوربيين.
وذلك لأن استسلام الرجل للمرأة وضعفه أمام السيدة المحترمة التي رفع من مكانتها وجعلها في مستوى الآلهة في هذا المجتمع الذي نعيش فيه عبارة عن شيء رمزي فقط، وقد أقبل عليه الرجل بمحض إرادته، أو أنه شيء بغيض مكروه حقير، إذ كيف يقبل شخص الفناء نهائياً أمام كائن رفعه ووضعه في مصاف الآلهة وأصبح عبارة عن مجاز شعري يقف منه موقف الخادم الذليل المطيع. إن هذه الطبيعة تغاير تماماً طبيعة الطريقة التي سلكها الحب الجرماني الذي يقوم على المساواة بين الشخصين واحترام الحقوق والحرية.
فالحب الجرماني لا يعرف توزيع الأدوار الموجودة في غراميات البحر الأبيض المتوسط، إن الحب الجرماني بعيد جداً عن المؤثرات الأجنبية، فهو لا يعرف استسلاماً وفناء وضياع شخصية طرف من الطرفين، بل يقوم على حب متبادل واحترام متبادل يتطلب الرضاء والإعجاب المتزايد. الحب الجرماني يتعارض مع