للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرمان والخوخ واللوز والمشمش والبرتقال والكستناء والبنان والنخيل والبطيخ والهليون وقصب السكر والقطن ومختلف النباتات وصناعة الكعك من الفاكهة التي كانت تكون عنصراً هاماً من صادرات البلاد الإسبانية. وحتى اليوم ما زلنا نجد في اللغة الإسبانية الخاصة بالزراعة والري كثيراً من الألفاظ والاصطلاحات العربية. ففي ذلك العصر استغل العرب كل بقعة من الأرض فكان الحقل إلى جوار الحقل كما يصف ذلك المسعودي في كتابه مروج الذهب. وبفضل العناية بالري والزراعة وحسن استغلال الأرض إلى صفاء السماء وجودة الجو، كانت الأرض أيام عبد الرحمن الثالث تنتج ثلاثة محاصيل أو أربعة من الحبوب في العام، واستبعت العناية بالزراعة الاهتمام بتربية الماشية وبخاصة الإبل والخيل، ويكفي العرب فخراً أنهم أصحاب فكرة التلقيح الصناعي وهم أول من استخدمها، وقد أخذ بها العالم الحديث في القرن العشرين فقط.

ثم فتحت المناجم التي ظلت أكثر من ألف عام لا تستخدم ولا تستغل، فقد سبق أن أخرج الفينيقيون بعض محتوياتها فاستخرجوا منها سنوياً كثيراً من الحديد والنحاس والزئبق، فقامت صناعات عظيمة فنية لا تستطيع أوربا أن تتصورها فعم الرخاء البلاد وارتفع مستوى معيشة السكان، حتى إن كل أندلسي كان يركب بغلاً ولا يمشي، كما أدى انخفاض أسعار الخضر والفاكهة وسائر المواد التموينية وارتفاع أجور العمل إلى نزوح كثيرين من الفلاحين العرب والعمال العرب إلى الأندلس فبلغ عدد السكان حوالي عام ٩٥٠ م في إسبانيا العربية نحو ثلاثين مليوناً، فقامت آلاف القرى حول قرطبة فازدهرت الحياة وأينعت.

ومنذ أن استقلت الأندلس أيام الأمويين عن خلافة بغداد انقطعت الضرائب التي كانت تتدفق من الأندلس إلى شرق العالم العربي وأصبحت تنفق على أهالي الأندلس أنفسهم فساهمت هذه الأموال في رفع مستوى المعيشة، وبفضل حكمة وحسن تدبير عبد الرحمن، هذا الخليفة العظيم، كان ينفق ثلث إيراد الدولة على الشئون الداخلية والجيش الذي كان يعتبر وقتذاك من أحسن جيوش العالم نظاماً وقوة، كما يذكر ذلك سفير «أوتو الأكبر» وهو رئيس الدير «يوحنا فون جورز»،

<<  <   >  >>