للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

سفيراً إلى القيصر أوتو الأكبر. هذا الأسقف الذي كان صديقا لعلماء الطبيعيات العرب، قد وضع كتاباً باسم «راب بن سعيد» الأسقف وأهداه إلى الأمير المسلم الذي كان يرعاه. وموضوع هذه الرسالة: تقسيم الأزمان وإعادة تكوين الأجسام، وقد ترجمها إلى اللاتينية من العربية «جيرهارد فون كريمونا».

والحقيقة أن الحكم لم ينفرد بين حكام الأندلس بتشجيع العلم والعلماء، فنحن نجد المظفر ملك «بادايوز» يضع موسوعة علمية شاملة لمختلف فنون المعارف في مائة مجلد، كذلك المقتدر ملك «سرجوسة» أظهر نبوغاً عظيماً في الفلك والرياضيات والفلسفة، كما كان يقدر العلماء تقديراً عظيماً. وتقدير العلم سواء عند الأمويين أو غيرهم لم يكن شيئاً نادراً أو مستحدثاً، وعلى النقيض من ذلك فالعالم الذي كان يعينه الأمير في وظيفة حكومية يجب أن يكون على جانب عظيم من العلم والمعرفة ولم يوجد عالم في دولته دون وظيفة أو عمل، فكل عالم كان علمه كفيلاً لأن يجلسه في أعلى المناصب وأرفعها وحتى صغار الأمراء الذين جاءوا بعد سقوط الأمويين عام ١٠٣١ وبعد ضياع الخلافة في قرطبة وإشبيلية وغرناطة والمرايا وسرجوسه كانوا يتنافسون في تشجيع العلم والأخذ بيد العلماء وبذلك مهدوا الظهور النهضة العلمية الثانية التي ظهرت بعد ذلك في الأندلس.

وليست العلوم فقط أو الفنون التطبيقية هي التي وجدت إقبال العلماء عليها وتشجيع الأمراء لأصحابها بل الشعر أيضا، والشعر للعربي كالهواء للإنسان، فقد شجعه الأمراء تشجيعاً منقطع النظير، ومن بين الأمراء من أجاد الشعر إجادة تامة.

<<  <   >  >>