فتعجب المعتمد من حسن ما أتت به مع عجز ابن عمار، ونظر إليها فإذا هي حسناء فاتنة، فأعجب بها وأخذ بجمالها، فسألها «أذات زوج هي؟ » فقالت: «لا»، فلما ذهبت في سبيلها قال لخادم كان يتبعه:«سل عن هذه الفتاة واعرف مكان أهلها»، وعلم أنها جارية رميك بن حجاج وأن اسمها اعتماد، فلما عاد إلى قصره استدعى صاحبها واشتراها منه وتزوجها، ومن فرط حبه لها أطلق على نفسه منذ تلك اللحظة اسم «المعتمد»، وبهذا الاسم اشتهر كأكبر شاعر بين جميع ملوك العرب وخلفائهم.
وهكذا تجد الاثنين ينسجمان انسجام الروي في الشعر أو انسجام القافية، وقد ظل حبهما حياً مدى حياتهما حتى لقى كل منهما قضاءه الحزين المحتوم.
كما أن قصيدة مطلعها:
أدر الزجاجة فالنسيم قد انبرى ... والنجم قد صرف العنان عن السرى
هي التي ألفت بين المعتمد وصديقه ابن عمار. وقصائد ابن عمار هذا هي التي حررت المعتمد من السجن، حيث نجد ملك إشبيلية وهو المعتضد الذي كان سريع الغضب يأمر بإعدام ولي العهد الذي تسبب بإهماله في ضياع معركة وهزيمة جيشه. لكن أشعار ابن عمار شفعت له لدى المعتضد الذي اشتهر بالغلظة والقسوة، إلا أنه كان شاعراً يقدر الشعر الرصين وبسببه يعفو عن كل شيء.
فالشعر الجيد قد يفك من الأغلال، وقد عرف هذه الصفة موظف من موظفي المالية في قرطبة كان قد اختلس أموالاً عامة. فقد وجه الخليفة المنصور تهمة إلى هذا الموظف مستنكراً جرأته وسرقته أموال الخليفة، فاعتذر الموظف بأن القدر أقوى من الإرادة الحسنة، والفقر يضلل الفضيلة، وهكذا استطاع هذا اللص النجاة بفضل مهارته الشعرية، وكان المنصور يستصحب معه في حروبه أربعين من خيرة شعرائه، وكتب الأدب العربي تفيض بكثير من القصص التي تبين مدى تقدير العربي للشعر وتقديسه.
وقد أبهرت العقلية الشعرية للفيلسوف والطبيب ابن الخطيب، وهو ذلك