للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

التعامل مع المسلمين أو الاتجار معهم كما نصت هذه القرارات على توقيع عقوبة الحرق على كل من يصدر أن ينقل خشبًا أو أسلحة إلى المسلمين، لكن جميع هذه القرارات ذهبت أدراج الرياح ولم تثن الجمهوريات البحرية الإيطالية عن تثبيت صلاتها التجارية وتدعيمها مع المسلمين، وذهبت هذه الجمهوريات بعيدًا في صداقتها مع المسلمين فتولى بعض بحارتها قيادة السفن الحربية الإسلامية. كما أن سلطان مراكش طلب مرة معونة جمهورية جنوه فأمدته بأسطول يتكون من ثمان عشرة سفينة حربية مساعدة لأمير المؤمنين للقضاء على أعمال القرصنة التي كان يقوم بها الصليبيون.

ولماذا لا يسلك أهل جنوه هذا المسلك؟ أليسوا تجارًا وصفة التاجر الماهر أن يستفيد من جميع الفرص السانحة له. لقد تاجر البندقي في كل شيء حتى في نقل ما بين عشرين وأربعين ألف محارب صليبي في جيش الرب، وقد تجمعوا في ميدان القديس مرقس ينتظرون ترحيلهم إلى عكا ودمياط، فكسب أهالي البندقية من عملية النقل ماديًا وروحيًا إذ ساهموا مساهمة طيبة في نصرة القضية المسيحية. وانتصرت البندقية عام ١٢٠٣ على بيزنطية انتصارًا فاصلًا، إذ توجهت حملة صليبية تحت قيادة البندقية فنكلت ببيزنطة تنكيلا لم يصبها على يد المسلمين من قبل، فقد وصف كاتب مسيحي هذه الحملة الصليبية والجرائم التي اقترفتها في بيزنطة المسيحية وصفا لا عهد للإنسانية به من قبل، فقد سلب أفرادها ونهبوا كل ما وصلت إليه أيديهم، فقد سرقوا الكنوز القديمة ودنسوا المقدسات فحطموها وخربوها وأحرقوا الكتب ومزقوها فكان انتصار هذه الحملة على بيزنطة انتصارا للبندقية وغيرها من الجمهوريات الإيطالية لتهديدات بيزنطة أولا وعلى سائر الدول المنافسة لها، وبخاصة المسيحية عن طريق هزيمة وفشل الحملات الصليبية ثانيًا.

فقد استنفذت الدول المسيحية كل قواها دون تحقيق أهدافها: فالصليبيون كما يذكر الفرنسيسكاني الأسباني «رامون ليلل» لم يحققوا طيلة القرون التي قضوها في الحروب شيئًا، فلم يصلوا إلى قبر المسيح، ولم يقضوا على الوثنية (الإسلام)! ! أو

<<  <   >  >>