الشجاعة «توتا فون نافارا» الملكة الأم ومعها ابنها الملك «جارسياس» والملك العظيم الجسم «سنخو فون ليون» الذي فقد عرشه بسبب جسمه السمين جداً المريض. يقصدون قصر الخليفة، هذا القصر العظيم جداً والمعروف باسم الصخرة، وألقى هذا الملك بنفسه تحت أقدام عبدالرحمن يرجوه مساعدته عسكرياً وأن يقدم له طبيباً، وهذا الطبيب يجب أن يكون الوحيد في فنه وفي قرطبة.
ثم نجد كيف أن «سنخو» قد شفى وأصبح نحيفاً ونجح في طرد مغتصب عرشه وهو «أوردوجنو» الرابع، وأن الأخير لجأ إلى الحكم الثاني راجياً مساعدته وقد تزيا بزي عربي حتى إن الإنسان لا يفرق بينه وبين عربي، وجدث أن عبيد الله بن قاسم كبير أساقفة طليطلة والوليد بن خيسران قاضى المسيحيين في قرطبة قد التقيا من قبل بالملك المخلوع «أوردوجنو» في دار الضيافة الملكية وعلماء التقاليد العربية الملكية وكلاهما كانا يلبسان لباساً عربياً من غطاء الرأس حتى القدمين، وكذلك كان يتسميان بأسماء عربية وكانا يعظان من الإنجيل وفي لغة عربية، إذ إن الإنجيل كان عبارة عن ترجمة عربية قام بها رئيس الأساقفة «يوحنا الأشبيلي»، كما كان أولئك يجيدون الغناء العربي، ولم يجد أحد من المسيحيين في هذا عيباً، وبعد مائة عام من ذلك التاريخ نجد أسقف قرطبة المسمى «ألفارو» يشكو من أن كثيرين من أبناء عقيدته يقرأون أشعار وقصص العرب، كما يدرسون كتب رجال الدين المسلمين وكذلك كتب فلاسفتهم ليس لنقدها والرد عليها بل لدراستها وحفظها ولكي يتمكنوا من الحديث في عربية فصحى. وأين يوجد الآن الشخص الذي يستطيع فهم وقراءة التفاسير اللاتينية للكتاب المقدس من غير رجال الكنيسة؟ من منهم يدرس الأناجيل والأنبياء والرسل؟ آه إن جميع شباب المسيحيين وبخاصة الأذكياء لا يعرفونها بعكس اللغة العربية التي يجيدونها. كما يلتهمون العلوم العربية وينفقون الأموال الطائلة في سبيل اقتناء هذه الكتب وتكوين المكتبات ويعلنون صراحة عظمة هذه الآداب العربية. لكن إذا ما حدثهم متحدث عن الكتب المسيحية أجابوه في سخرية واحتقار أن هذه الكتب لا تستحق الالتفات إليها. وا أسفاه لقد نسى المسيحيون كل شيء مسيحي حتى لغتهم، ولا يوجد إنسان واحد بين الآلاف منهم من يستطيع