للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإفريقيا. وكما تزوج «فلهلم فون أكويتانيا» تزوج القيصر فريدريش الثاني، زواج الأول كان أميرة من «أرجون»، كما أن «كونستنزا» الشقراء جاءت معها وصيفات إسبانيات وتروبادور وخمسمائة فارس. وكان هؤلاء الفرسان تحت قيادة أخيها «ألفونس فون بروفينس»، وذلك عند زواجها بفريدريش الثاني. ففي ذلك الوقت كانت تتدفق الحضارة والثقافة العربية من إسبانيا والبروفينس على صقلية حيث كانت توجد أيضاً هذه الثقافة العربية. وهنا في صقلية ندرك ظاهرة جديدة إذ بينما نجد الحب العذري في بروفينس وجنوب فرنسا عبارة عن تقاليد وعادات اجتماعية، وفيه نجد المرأة النبيلة هي التي يخضع أمامها ويركع النبيل المحب الولهان، إذ بنا في صقلية السيدة التي يركع أمامها المحب هي تلك التي تعتقد أنها أهل لذلك. والقيصر نفسه وأبناؤه كانوا يحبون ومعهم جماعة من الشعراء يؤلفون الغزليات ويتفننون في الغناء، وكما كان الحال في بروفينس وألمانيا أخذوا هنا في صقلية يعنون بقول الشعر في اللهجة المحلية وهذه بدورها أصبحت الخلية للشعر الإيطالي القديم، وفي وقت قصير قال بترارك»: «لقد أصبح فن قول الشعر كما ولد من جديد في صقلية فهو ينتشر تدريجياً لا في إيطاليا فقط بل خارجها أيضاً»: وقال «دانتي»: «لذلك أصبح كل شيء ألفه أجدادنا في اللغة المحلية يدعى صقلياً».

ففي أشعار هاتين العبقريتين الإيطاليتين «بترارك» و «دانتي» نجد حقائق هامة جداً وهي الاتفاق التام مع أشعار العرب، وهذا الاتفاق وقع عند بترارك تلقائياً دون تعمد ويرجح في «بولونيا» والأوساط الشعرية التي كانت ملتفة حول الملك الأسير «أنزيو» بن فريدريش الثاني الذي هو من أم ألمانية. وإذا كان الأثر العربي تلقائياً عند «بترارك» فعند «دانتي» جاء عن طريق اهتمامه واطلاعه على الشعر العربي والقصص الإسلامي والصوفية الأندلسية وفلسفة ابن رشد، وبينما نجد هذا الأثر أيضاً عند «بترارك»، وبخاصة في الشعر الغزلي العربي القديم، نجد الوسائل التي أعانت «دانتي» على التأثر بالثقافة العربية كثيرة جداً منها القرآن الكريم ومؤلفات ابن عربي.

<<  <   >  >>