للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي الوقت نفسه نجد تيارًا قوياً يأتي من جنوب فرنسا إلى قلب أوربا إلى ألمانيا ويؤثر تأثيراً قوياً في أولئك الذين يؤمنون بالحياة الثانية، وأولئك الذين يفضلونها على الحياة الدنيا، وبذلك كانت هذه التعاليم مصدر بعث عصر جديد. وهكذا نجد فجر عهد جديد يبزغ ويدعو إلى المثالية الخلقية واستتبع هذا ظهور شعر جديد عظيم موضوعه الحب النبيل حب الفروسية. إن هذه الفكرة فكرة ثورية، ويكاد الإنسان لا يصدقها في هذا الزمن إذ إن المرأة بالنسبة لأنوثتها مصدر خطيئة وتغرى بارتكابها وعصيان الله.

والآن نجد المرأة المضطهدة عقلياً وجسمانياً تخرج من هذا الوضع الدنيء التعس حيث كان ينظر إليها على أنها وسيلة الشيطان للتنكيل بالرجل وإبعاده عن السير في الطريق المستقيم، فالمرأة أصبحت الآن ينظر إليها على أنها سيدة رفيعة يركع أمامها الرجال راجين رضاءها.

وهذه الظاهرة الجديدة قد ازدهرت وانتشرت، وإن تكن قد اختفت فإن بذورها ما زالت موجودة، وهكذا أصبحنا نجد بين عصر وآخر عصوراً مظلمة يقوى فيها خصوم المرأة أولئك الرجال المغرورون الذين يعتقدون أن حواء هي مصدر سقوط الرجل في الخطيئة، كما نجد عصراً تقدس فيه المرأة، وهذا العصر متأثر ولا شك بالعرب ونظرتهم إلى المرأة، وقد تأثر بهذا الشعور الجرمان.

وفي? يناير ١٤٩٢ رفع الكاردينال «د. بيدرو جوانزاليس ده مندوزا» الصليب على الحمراء، وهي القلعة الملكية للأسرة النصرية، وكان ذلك إعلاناً بانتهاء حكم العرب على إسبانيا.

فهنا في غرناطة كانت قد انتهت العروبة في الأندلس إذ كانت قد شاخت وبلغت نهايتها، فقد قضى على قرطبة وبلنسية وإشبيلية والأقاليم الأخرى التي منيت بالهزيمة. وبضياع سيادة العرب وحكمهم انتهت هذه الحضارة العظيمة التي بسطت سلطانها على القارة الأوروبية طيلة العصور الوسطى، كما انتهت كذلك المدنية والحضارة التي ظهرت عظمتها ومكانتها في الإدارة والتنظيم ورفع مستوى حياة

<<  <   >  >>