الشعب، إلى جانب الثراء الذي بلغته المدن ووفرة إنتاجها وتنوع صناعاتها وإصلاح أراضيها وإعدادها للزراعة، فازدادت المحاصيل وعم الرخاء وتنوعت الفنون وازدهرت الآداب وكثر قادة الفكر.
وقد احترمت لحد ما المسيحية المنتصرة للاتفاقيات التي تمت بينها وبين المسلمين وظل هذا الاحترام قائما مدة ثماني سنوات، وذلك بفضل كبير الأساقفة «تالافيرا» وتسامحه وإعجابه بالعرب وعظيم تقديره لهم، وقد أثر عنه أنه كان يقول: تنقص العرب عقيدة الإسبان، وتنقص الإسبان الأعمال الطبية التي يتصف بها العرب، وهذه الأعمال تنقص الإسبان لتجعل منهم مسيحيين حقيقيين، وقد وقع في ذلك الوقت ما أكد رأي كبير الأساقفة وأيده، ففي عهد خلفه كبير الأساقفة «يوان كيمينيس» وقعت أحداث قضت على المسلمين وبقايا ثقافتهم وحضارتهم، وتعرضوا لاضطهادات شنيعة، فقد حرم عليهم الإسلام وتعاليمه وأوامره كما حرم عليهم استخدام لغتهم العربية، وحتى نطق كلمة عربية أو أغنية عربية أو شعر عربي. كما حرموا عليهم أيضاً حتى العزف على الآلات الموسيقية العربية واستخدام الأسماء العربية وارتداء لباسهم القومي وزيارة الحمامات، وفرضت المسيحية على من يخالف هذا من المسلمين أشد العقوبات من سجن وطرد وحرق، والمسلم على قيد الحياة.
أما الذي تبقى من كنوز العرب وآثارهم بعد أعمال السلب والنهب والتخريب التي قام بها المسيحيون أو البربر - أما ما تبقى من كتب أدبية وعلمية فقد جمعه رجال الكنيسة من دور الكتب وقدموه طعاماً للنيران، اللهم إلا بعض المؤلفات الطبية فقد استثنيت من الحرق، وهكذا انتصر كبير الأساقفة وأنصاره وأنقذوا هذه الكتب، بينما أحرقت كتب يتجاوز عددها المليون والخمسة آلاف كتاب، وهي ثمار حضارة وثقافة عاشت ثمانية قرون.
هذه هي آخر قصيدة قيلت وأنشدها شعب يحب الشعر، هذه آخر قصيدة قيلت على أرض إسبانيا وهذه القصيدة أرفقت بالخطاب الذي أرسل إلى الإخوة في