تقوست ظهورهم على صهوات الجياد حتى قاربت جباههم أعراف الخيول، وقد لوحت الشمس وجوههم وبأيديهم السيوف مسلولة يكرون على البلاد التي هجرها أهلها. وتحت سيقان خيولهم تقوست الأرض ألماً ووجعاً. أما الحقول فقد تخربت والبيوت تهدمت، والأعشاب أحرقتها بصقة أبناء الصحراء.
هذه الصورة هي التي تصورها الكتب المدرسية في ألمانيا إذا لم ينجح كارل مارتل في إيقاف الزحف العربي الذي ترتب عليه إنقاذ أوربا المسيحية. ويتصل بهذه العبارة أيضاً ما يقال من أن العرب هم الوسيلة إلى إهداء الأوربيين التراث اليوناني. لكن هل حقيقة أن كارل في حربه هذه كان يعتقد أنه منقذ أوربا؟ حقاً إنه تملكته الخديعة عندما علم في الصباح بعد معركة غير فاصلة أن العدو انسحب حتى جنح الظلام. إن كارل ليس المنتصر على العرب بل هو الذي سخر السكسونيين والفريزيين والألمان، ولذلك لقبه معاصروه بأنه البطل صاحب المطرقة كما أن معاركه التي خاضها ضد العرب بعد ذلك عند «بواتييه» و «أفينيون» و «نيميس ومارسيليا» و «ناربون» التي حاصرها دون جدوى، كل هذه المعارك ميزته وفضلته على جميع الذين جاءوا بعده، وعندما أراد القيصر «لودفيج القديس» تمجيد أعمال أسلافه اعتبر إخضاع الفريزيين عملاً من أهم أعمال جده؛ لذلك رسمه على جدران «فلس» و «أنجيلهم». كذلك الكنيسة لم تر في «بواتييه» منقذاً للمسيحية بل لعنته وقالت عنه إنه لص الكنائس، فقد سرق ممتلكات الكنائس والأديرة وكون من أملاكها وأموالها جيشاً كما منح أراضيها لفرسانه؛ لذلك فإن قبره خال وكأنه قطعة فحم، لأن الشيطان نقل جثمانه إلى جهنم!
وربما لا نبالغ في تصوير ما وقع عند «بواتييه». إن مؤرخاً بلجيكاً يقرر أنه لم