يكن هناك فيما يرجح أكثر من الحيلولة دون القيام ببعض أعمال التخريب والتدمير. فهل عام ٧٣٢ م كان حقاً هو الفيصل بين سيادة المسيحية أو الإسلام أو مسيحية طليقة حرة بعيدة عن سيطرة روما أو مسيحية مرتبطة بروما؟ في عام ٧٣٢ م كان كل شيء مائعاً غير مستقر. في هذا العام الفيصل أعني عام ٧٣٢ م أرسل جريجور الثالث وهو سوري إلى كبير الأساقفة أمراً لإخضاع سكان «هيسين» و «توربنجين» إلى روما. بينما في عام ٧٣٨ م تقدم كارل مارتل من جديد ضد العرب، كذلك أخضع كبير الأساقفة أيضاً رجال الدين في بافاريا إلى الكرسي البابوي، كما أدخل نظام الكنيسة الروماني إلى ألمانيا.
وماذا تكون النتيجة لو أن هذه الحادثة انتهت بنتيجة أخرى؟ حقاً إن أوربا كانت لابد أن تصبح أوربا أخرى ولا يستطيع إنسان أن يتكهن ويقول غير هذا. هل كانت ستصبح أردأ أم أحسن، أوربا بربرية أو إنسانية، أوربا أتعس أم أسعد. إن ترجيح رأي على آخر غير مجد وليس هذا موضوع كتابة التاريخ أو هدف هذا الكتاب.
وبالرغم من هذا فإن المؤرخين كثيراً ما حاولوا معالجة هذا الموضوع والإجابة عليه، وقد أجابوا إجابة تكاد تكون حقيقة لا شك فيها ولا ترجيح، لذلك فهي من هذه الناحية تضطرنا إلى النظر إليها من زاوية جديدة. لا يوجد كتاب تاريخ لا يحاول مؤلفه إلا أن يذكر أن انتصار كارل مارتل أنقذ المسيحية أو بتعبير آخر أنقذ أوربا أو المدنية الأوربية، وحافظ عليها من الضياع. أما المثل الذي تقدمه إسبانيا لنا فيشير إلا أن البلاد الواقعة على هذا الجانب من البرنات ظلت محتفظة. إلى جانب الدين الوحيد الحقيقي. بعقائدها، وقد ظلت هذه العقائد المسيحية قائمة طيلة أيام الحكم العربي، أعني ثمانية قرون، وأن أحداً من المسلمين الحاكمين لم يفكر في القضاء على المسيحية أو محاربتها. كما أن مثل إسبانيا بدلنا أيضاً أن بلداً فقيراً معدماً مستعبداً أصبح في غضون مائتي عام تحت حكم العرب بلداً غنياً ارتفع فيه مستوى مختلف طبقاته، كما انتشر التعليم وازدهرت الثقافة بين سائر طبقات شعبه، وبفضل هذه الثقافة الرفيعة وتلك الحضارة المزدهرة أصبحت إسبانيا علمياً وفنياً أرقى من سائر الدول الأوربية. فقد أصبحت مثلاً يحتذى ونبعاً يقصده طلاب