وخلف العرب وراءهم أيضًا أثرًا حتى في الكنائس مثل استخدام السبح في الصلوات، فقد جاءت السبحة من الهند واقتبسها الإسلام، ومن ثم أهداها إلى الكنيسة الرومانية وأجهزة الطقوس الدينية والمباخر والبخور والمر، كما نجد بعض الأقمشة العربية الحريرية والموشاة بالخيوط الذهبية والفضية تستر المذابح ورجال الكهنوت فتترك بجمالها أثرا بعيدا في الطقوس الدينية بالكنيسة الكاثوليكية، كذلك البلدشين العربي الذي نشاهده حتى اليوم يزين المذابح ويشهد لبغداد بالمكانة التي بلغتها في العصور الوسطى.
ولا أدل على تغلغل الأثر العربي في أوربا من النظر إلى الملابس التي يرتديها الأوربيون حتى يومنا هذا سواء كانت هذه الملابس شعبية قديمة متوارثة عن العصور الوسطى أو حديثة تشكلها الحضارة وتوحي بها الأذواق. فهذه الملابس مصنوعة من أقمشة عربية الخامات عربية النسج عربية الذوق عربية الاسم عربية الوطن، فها هي «المستقة» تناسب كرنرادين في قطنيته الجميلة والبلوزة التي ترتديها] ريا [تحت شكة الكسوة الأنيقة. وفي البيت يرتدي الوالد جبة، وجبته الإنجليزية القديمة عندما يريد غسل سيارته، ثم الجبة الصغيرة التي يرتديها الطفل، وتلك التي ترتديها السيدة الأنيقة، وهي قطعة من الملابس الداخلية التي أعارتنا إياها المدنية الفرنسية.
وفضل العرب على المرأة وزينتها وأناقتها يتجلى لنا أيضا في غير ملابسها، يتجلى في المساحيق والعطور، فشهرة الشرق في البخور والعطور وإعدادها قديمة جدًا. ولم تقف وسائل الزينة والتبرج على النساء بل تعدتها إلى الرجال، فالرجل المسلم قد اقتدى برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويتزين بإطلاق اللحية، ثم اتصلت أوربا بالمسلمين في الحروب الصليبية فاقتبسها الرجال وأصبحت حتى اليوم من العادات المستحبة عند الغربيين.
وهناك عادة هامة بالنسبة للعربي احتفظ بها الأوربي ألا وهي عادة الاستحمام وخلع الملابس. فالجرمان المخشوشنون اعتادوا كما يحدثنا (تتسيستوس) الاستحمام صباحا وغالبا بالماء الساخن عقب قيامهم من النوم، وكان الجرماني