للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبالاطلاع على المصادر الأخرى يتبين لنا أن مترجمي المراجع العربية قد راعوا الحرفية عند نقلها إلى اللاتينية، كما اقتبسوا مع هذه الترجمة الطريقة العربية في الكتابة، أعني من اليمين إلى اليسار؛ فالأعداد العربية قد نقلوها مكتوبة على الطريقة العربية.

أما الخوارزمي فلم يكن أول من عرف أوربا بالأعداد العربية فقد سبقه بنحو قرن ونصف قرن، أعني في القرن العاشر الميلادي أوربي نقلها عن العرب إلى أوربا وحاول جهده التوفيق في كسب أنصار لها فلم يوفق. وقد نشأ هذا الأوربي في أسرة متواضعة، ومن ثم أخذ يكد ويتعب حتى أصبح محور الحركة العقلية في بيئته فاكتسب صداقة ثلاثة من قياصرة ألمانيا كما أن المسيحية اختارته بابا.

وقبل ظهور هذا العالم لم تكن لأوربا دراية ما بالعلوم الرياضية وحتى اليونانية الهللينية قد ذبلت وأصبحت في خبر كان، والسر في هذه النكسة التي أصابت العلوم اليونانية الهللينية في أوربا ظهور المسيحية وموقف رجال الكنسية منها، فقد شك أولئك اللاهوتيون في كل ما هو وثني وحاربوه، ولم ينجح في الوصول إلى الأديرة إلا علم الحساب لضعف صلته بالعلوم اليوناينة. وقد كتب علم الحساب العالم «بوتيوس» أحد الرومانيين المتأخرين، وكان موضع ثقة الملك «ثيوديريش»، ثم اتهم بالخيانة فأعدم ومن ثم جاءت العصور الوسطى فأعلنته قديسًا. وقد بلغت ندرة الكتب التي وضعها بعض المؤلفين الرومانيين حدَّ أن الرهبان في الأديرة كانوا يقيدونها بسلاسل حتى لا تفقد. وكان جل اهتمام الأديرة بالتدريس ينصرف إلى الحساب الابتدائي بواسطة الطريقة الرومانية القديمة التي كانت مستخدمة قبل معرفة الأعداد التسعة والإشارة الدالة على الصفر، وكانت هذه الطريقة الرومانية المعروفة باسم «أباكوس» عبارة عن إطار تمتد فيه أسلاك تجري فيها كرات تشبه هذه الطريقة المتبعة إلى اليوم لتعليم المبتدئين، كما درس الرهبان أيضًا الألغاز العددية الفيثاغورية أمثال: «إيزيدور» و «بيدا و «ألكوين» و «هرابانوس موروس» و «فالافريد سترابو» فلم يخطوا بالعلوم خطوة تذكر.

<<  <   >  >>