بالنكسة التي حلت بنا حتى سارعت وضاعفت من نشاطها فشحذت همم الألمان لمناصرتنا ومديد المساعدة لخلاصنا من كبوتنا؛ فخطبت وكتبت وأذاعت وحشدت خيرة القوم من أصدقاء العروبة من الألمان، وساهمت في إقامة معرض شعاره «الأرض المقدسة العدالة للأردن» يصور حالة اللاجئين العرب، وقد أقيم المعرض في قاعة بيتهوفن الموسيقار الخالد، وكان ذلك في شهر يونية ١٩٦٨، وأشرفت على تنظيمه جمعية الصداقة الألمانية الأردنية بالتعاون مع مكتب الإعلام والسياحة الأردني في مدينة فرنكفورت.
وشاهد الزائر فيما شاهد صورًا للحرم الشريف في القدس والكنائس في بيت لحم، وألقت «سيجريد هونكه» خطابًا جامعًا استعرضت فيه بطولات العرب وحسن سجاياهم إذ ضربوا المثل الأعلى في المروءة والتسامح، وساقت لذلك مثلًا موقف العرب عند فتح مصر والاستيلاء على الإسكندرية عام ٦٤٢ م فقد منعوا التخريب أو التدمير وقدموا لرعاياهم الضمان الأكيد لحرية العقيدة وعهدًا نصه:
«هذا عهد أمان يشمل جميع المسيحيين والقسيسين والرهبان والراهبات جميعًا، وهو يضمن لهم شرفهم ويضمن لهم حمايتهم أينما كانوا ويضمن حماية كنائسهم ومزاراتهم، وكذلك زوار هذه المناطق من الجيورجيين والأحباش واليعقوبيين والنساطرة وجميع الطوائف التي تؤمن بالنبي عيسى وجميع هؤلاء يستحقون الرعاية؛ ذلك لأنه سبق للنبي محمد أن أمنهم بعهد عليه خاتمه وأوصانا فيه بأن نكون رحماء بهم وأن نكفل لهم الأمان».
وأشارت الخطيبة أيضًا إلى الاضطهاد الذي تعرض له اليهود في أسبانيا على يد المسيحيين قبل مجيء العرب الذين حرروهم ومكنوهم من الحياة الإنسانية الكريمة، وبعد ضياع الأندلس. وهذا التسامح ما زال حتى يومنا هذا من أخص سجايا العرب. ثم انتقلت إلى القدس العربية فذكرت تاريخها وما تمتعت به من سلام واستقرار. . هذا إلى توطيد علاقات الود والمحبة بين العرب والقيصر الألماني فريدريش الثاني الذي عشق العروبة والعربية فنظم فيها الشعر وسال قلمه بالنثر