ثم «زيرو»، فقد تعرضت هذه الكلمة لشيء من التغييرات الصوتية التي تعرضت لها كلمات أخرى مثل «ليفرا» التي أصبحت «ليرا». أما في فرنسا فقد تحولت كلمة «صفر» العربية إلى لفظ «شفر» الذي استخدم أيضًا إلى جانب دلالته العربية للتعبير عن «إشارة سرية»، ثم ذهبت اللغة بعيدًا فضاعت من الاسم فعلا هو «شفريرن» في الألمانية مستخدمًا في المعنيين، لذلك اضطر القوم إلى استعمال الصيغة الإيطالية «زيرو» كما نجد في إنجلترا «صيفر» و «زيرو» وفي ألمانيا «تزيفر».
والواقع أن الدارة كانت أصلا هي الإشارة المعبرة عن الصفر إلا أن انتشار الأمية بين عامة الشعب اضطرهم إلى تعلم أسماء الأعداد التسعة عن طريق السماع فقط؛ ولذلك أصبح لفظ «صفر» لديهم شيئًا غامضًا إن دل على شيء في مفهومهم فعلى اللاشيئية أو الإشارة الأجنبية. ففي القرن الرابع عشر نجد الإشارات الدالة على الأعداد العشرة تسمى «أصفارًا»، وهذا من باب التعميم وإن احتفظت فرنسا بلفظ «شيفر» وإنجلترا بكلمة «صيفر» واستخدمت الألمانية الكلمة الإيطالية «زيرو» للتعبير عن هذه الدارة المعروفة في العربية بلفظ «صفر». فهذا التطور في التسمية أدى إلى شيء كثير من الاضطراب كما تعدت هذه البلبلة التسمية إلى الأعداد ذاتها وأصبح العلماء في حيرة. وأخيرًا استقر الرأي على استخدام الإشارة العاشرة المعروفة باسم «شيفر» الدالة على الدارة. أما سائر الإشارات الأخرى فقد أطلقوا عليها التسمية «فيجورين» أي أشكال. لهذا نجد عام ١٣٥٧ م عالمًا يذكر في رسالة وضعها في هذا: هل يجب على هذا الشعب أن ينساق وراء الأميين ويستخدم لفظ «تزيفرن» للدلالة على الأعداد العشرة التي يجب أن يعبر عنها بلفظ «فيجورين» لا «تزيفرن»؟
إن الإشارة الدالة على الصفر لا تشير بتاتًا إلى عدد ما، ومن هنا أطلق العرب عليها لفظ «صفر». أما العلماء الأوربيون فقد اضطروا رغم أنوفهم إلى مجاراة العامة وعمموا لفظ «تزيفر» على سائر الأعداد الدالة في الواقع على قيم حسابية وميزوا الإشارة العاشرة على سواها بعبارة «نوللا فيجورا»، ومن ثم اختصرت إلى «نوللا» وأخيرًا «نل».