في حضوركم يا صاحب الجلالة فريدريش أيها الأمير العظيم: هكذا كتب ليوناردو إلى القيصر عند أول زيارة له لقصر القيصر في بيزا، لقد تحدث معي فيلسوفكم العالك يوحنا فون بالرمو عن الأعداد، وقد أفرد ليوناردو الفصل الأول من كتابه «الباكي» للحديث عن الأعداد التي تعلمها على يد الأستاذ العربي الذي أخذ عنه علم الحساب العربي وطرق استخدامه في أسفاره التجارية الطويلة والإشارات التسع الدالة على الأعداد عند الهنود وهي:
٩ ٨ ٧ ٦ ٥ ٤ ٣ ٢ ١
فهذه الإشارات التسع مضافًا إليها الإشارة (٠)، أي «صفر» في العربية تعبر عن أي عدد من الأعداد.
أما ترتيبها فعجيب جدًا فالصف يبدأ عادة بالعدد (٩) وينتهي بالعدد (١) حسب طريقة الكتابة الأوربية. أما العرب فيكتبون من اليمين إلى اليسار وحتى العدد الكامل إذا صاحبه كسر يكتب هكذا (١ - ) أي واحدًا ونصفًا، هكذا يذكر ليوناردو كما علمه مدرس الحساب العربي مراعيًا النظام العربي في الكتابة، وقد اتبع نفس الطريقة مع الأوربيين فعلمهم كتابة الأعداد التسعة الجديدة مع الإشارة (٠) والتي تسمى في العربية «صفرًا».
أما تاريخ الصفر فهام جدًا وهو يستحق الشيء الكثير من الاهتمام. استخدم الهنود هذه الدارة كإشارة للتعبير عن نقص شيء من الأشياء أعني «لا شيء»، ويعبر عنه في الهندية «سونيا» أي «فراغ» فلما عرف العرب هذه الإشارة ومدلولها ترجموها بلفظ «صفر» أي «خالي» أو «خلو»، ثم جاء ليوناردو وتتلمذ على العرب في الحساب فأخذ اللفظ العربي كما هو واستخدمه كما استخدمه العرب وإن كان قد صاغ لفظ «صفر» صياغة لاتينية فأصبح «صفرم»، وعرفه بقوله:
ومعناها بالعربي: هذه الدارة (٠) تعرف في العربية بلفظ «صفر».
وإذا انتقلنا إلى إيطاليا وجدنا في آخر كتاب ليوناردو لفظ «صفرم» يكتب «زفرو»