فقد جاء في مخطوطة من مخطوطات العصور الوسطى ما يفهم منه أن كتابة الأعداد الجديدة تتطلب قبل كل شيء معرفة قيمة وموضع الخانة التي يوضع فيها العدد، والفهم الصحيح لقيمة الخانة من أصعب الأمور على الإنسان وبخاصة المبتدئين؛ لذلك تستخدم كتب الحساب التي توضع للشعب مختلف الوسائل لشرح الخانات وتبسيطها، وبالرغم من ذلك فإن قيم هذه الأعداد وخاناتها تختلط في تفكير الإنسان كما تمتزج الأعداد القديمة مع الجديدة وتضطرب الخانات وتلتبس على الإنسان، وبخاصة فنحن نعلم أن الأعداد الرومانية توضع إلى جوار بعضها بعضا بخلاف الحال في الأعداد العربية حيث تراعي قيم الخانات. فالإنسان يكتب مثلا العدد ١٤٨٢ هكذا MCCCCG ٨١١ وتاريخ سنة ١٥١٥ يكتب هكذا ١٥ X ٥ و ١٥٠٤ كالآتي ١٥١١١١.
وفي مخطوطة ترجع إلى عام ١٢٢٠ نجد المؤلف يشير إلى نظام قيم الخانات؛ لأنه قد سمع عنه ويحاول إدخاله على النظام الروماني إلا أن المؤلف عجز عن التخلص من الأعداد الرومانية كلية، لذلك فهو يكتب العدد ٢٨١٤ هكذا DCCCXIIIIII.
إن الإنسان ليعجب حقًا بنظام الخانات إلا أن الأعداد الألمانية العادية من الصعب جدًا على الألماني تركها اللهم إلا أولئك الذين يجرون وراء كل جديد، هذا رأي أبداه كاتب إلى الكنيسة خجلًا عندما أراد أن يكتب العدد الدال على ١٥٠٥؛ فقد رسم الصفر الذي لا ينطق كما لم يفهم الإشارة الصغيرة الدالة على المائة Ivcv.
فالإشارة الدالة على الصفر وهي الدارة كانت بالنسبة للقوم مشكلة شاقة لفهم كتاب حساب الخانات فهمًا صحيحًا. ألم تكن الصفر هو الذي يشير إلى لا شيء من ناحية وله من القوة ما يمكنه من التعبير عن العشرات والمئات والآلاف من ناحية أخرى؟ ! إن الصفر كان لغزًا حقًا!
نعم إن الصفر كان عددًا وفي نفس الوقت ليس عددًا، مثله مثل الدمية التي تحاول أن تكون كائنًا حيًا نسرًا أو حمارًا أو أسدًا، أو القردة ملكة، هكذا سخر فرنسي في القرن الخامس عشر وقال: أراد الصفر أن يكون عددًا! وذكر مؤلف