ومع تطور المدن والتجارة ازدادت الرغبة في العلم والمعرفة وانتقلت العلوم والمعارف من الأديرة إلى المدينة، ولعل أحسن بيوت تجارية عرفتها أوربا قديمًا هي تلك التي قامت في إيطاليا واتخذت منها ألمانيا مثلًا أعلى لها كما حذا حذو الألمان الهولنديون والفرنسيون والإنجليز حيث عاد أبناء تجار تلك البلاد ومعهم أخبار هذا التطور العظيم، كما أخذت العلوم التي كانت من قبل قابعة في الأديرة تتسرب تدريجيًا من الصوامع والجامعات إلى الخارج وبخاصة اختراع الطباعة. ولم يقف الأمر عند هذا بل نجد صرافي الأقاليم وموظفي ماليتها يوجهون شيئًا من العناية الخاصة في مدارسهم إلى هذا الحساب الجديد وأعداده العربية، كما سعوا جاهدين إلى نشرها. ولعل خير شاهد جاءنا إلى اليوم على انتشار الحساب العربي وصحة استخدامه هو «آدم ريزه» الذي ولد في مدينة «بمبرج» في العام الذي انتهى فيه حكم العرب على إسبانيا، وقد تخصص في تدريس الحساب في مدينة «أرفورت». ففي مثل كتب الحساب هذه توجد جداول فيها الأعداد الرومانية إلى جانب الأعداد العربية وكذلك الكلمات، والغاية من هذه الطريقة تمكين المتعلم من حفظ النوعين من الأعداد معًا واستخدامها في الحساب.
لقد غزت الأعداد العربية أوربا، وأخذت تؤدي دورها الهام في العلوم الطبيعية والصناعات والاقتصاد وسائر وسائل الاتصال بين الشعوب الراقية في العالم، وفي مختلف العصور.