للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ذكر جعل الفرع أصلاً، والأصل فرعاً في التمثيل، ويكون في تشبيه المحسوس بالمعقول.

ثم يطلب منا عبد القاهر - بعد أن عرفنا الطريقة في جعل الفرع أصلاً في التمثيل - أن نرجع لنقابل بينه وبين التشبيه الظاهر، لنعلم أن حاله - في الحقيقة - مخالفة للحال ثم (١).

ولا يتركنا الإمام عبد القاهر قبل أن يعطينا - للفرق - مثلاً من طريق المشاهدة وهو: أنك بالتمثيل في حكم من يرى صورة واحدة، إلا أنه يراها تارة في المرآة، وتارة على ظاهر الأمر، وأما التشبيه الصريح، فإنك ترى صورتين على الحقيقة (٢)!

أما ضياء الدين بن الأثير، فقد نقل ما قاله ابن جنى تقريباً، وسماه "الطرد والعكس" وعرفه بأن يجعل المشبه به مشبهاً، والمشه مشبهاً به، ثم قال: وبعضهم يسميه: "غلبة الفروع على الأصول" (٣).

ثم عاد فقال وهذا قد ذكره أبو الفتح بن جنى في كتاب "الخصائص" وأورده هكذا مهملاً، ولما نظرت أنا في ذلك، وأنعمت نظري فيه تبين لي ما أذكره، وهو: أنه قد تقرر في أصل الفائدة المستنتجة من التشبيه: أن يشبه الشيء بما يطلق عليه لفظه "أفعل" أي يشبه بما هو أبين، وأوضح، وبما هو أحسن منه، أو أقبح، وكذلك يشبه الأقل بالأكثر، والأدنى بالأعلى، وهذا الموضع لا ينقض هذه القاعدة، لأن الذي قدمنا ذكره مطرد في بابه، وعليه مدار الاستعمال، وهذا غير مطرد، وإنما


(١) أسرار البلاغة ٢١٦
(٢) أسرار البلاغة ٢١٨
(٣) المثل السائر ٢/ ١٥٦

<<  <   >  >>