للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيها المبالغة في التشبيه البليغ، حتى أمكن أن يجرد من المشبه مثله في الصفة التي يريد إثباتها له.

ولهذا عرف الخطيب القزويني التجريد بما لا يخرج عن هذا المعنى، وهو "أن ينتزع من أمر ذي صفة أمر آخر مثله في تلك الصفة، مبالغة في كمالها فيه (١)، وعده محسنا معنوياً من محسنات البديع، سواء أكان قائماً على التشبيه أم لم يكن قائماً على التشبيه.

وأما ابن الأثير: فإنه يتشبه بابن جنى عند ذكره للتجريد، إذ قال ابن جنى - في بداية كلامه عنه: "هذا فصل من فصول العربية طريف حسن، ورأيت أبا علي - رحمه الله - به غرياً معنياً ولم يفرد له باباً، لكنه وسمه في بعض ألفاظه بهذه السمة" (٢).

فيقول ابن الأثير مجارياً هذه المقدمة لابن جنى: "وهذا اسم كنت سمعته. فقال القائل: التجريد في الكلام حسن، ثم سكت فسألته عن حقيقته، فقال كذا سمعت! "ولم يزد شيئاً، فأنعمت حينئذ نظري في هذا النوع من الكلام؛ نظري في هذا النوع من الكلام؛ فألقى في روعي أنه ينبغي أن يكون كذا وكذا، وكان الذي وقع لي صواباً، ثم مضى على ذلك برهة من الزمان، ووصل إلى ما ذكره أبو علي الفارسي رحمه الله الله تعالى، وقد أوردته هاهنا وذكرت ما أتيت به من ذات خاطري من زيادة لم يذكرها، وستقف أيها المتأمل على كلامه، وكلامي" (٣).

ثم عرف التجريد تعريفاً لم يسمع عند غيره من العلماء؛ إذ جعله خاصاً بإخلاص الخطاب لغيرك، وأنت تريد به نفسك"، وبهذا أخرج


(١) الإيضاح (شروح التلخيص ٤/ ٣٤٨)
(٢) الخصائص ٣/ ٣٧٣
(٣) المثل السائر ٢/ ١٥٩

<<  <   >  >>