للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كالذي في قولهم: (لئن لقيت زيداً ليلقين منه الأسد) وما لا يكون قائماً على التشبيه، ما في الآية الكريمة "لهم فيها دار الخلد".

وحديثنا هنا عن التجريد القائم على التشبيه:

والإمام عبد القاهر الجرجاني يعد التجريد القائم على التشبيه في عداد التشبيه على حد المبالغة - على حد تعبيره - أو في عداد التشبيه البليغ - على حد تعبير المتأخرين من البلاغيين - وذلك حيث يفرق بين التشبيه والاستعارة، فيقول (١). "وههنا أصل يجب ضبطه، وهو: أن جعل المشبه المشبه به على ضربين:

أحدهما: أن تنزله منزلة الشيء تذكره بأمر قد ثبت له، فأنت لا تحتاج إلى أن تعمل في إثباته وتزجيته، وذلك حيث تسقط ذكر المشبه من الشيئين، ولا تذكره بوجه من الوجوه، كقولك: رأيت أسداً.

والثاني: أن تجعل ذلك كالأمر الذي يحتاج إلى أن تعمل في إثباته وتزجيته، وذلك حيث تجري اسم المشبه به صراحة على المشبه فتقول: زيد أسد، وزيد هو الأسد، أو تجئ به على وجه يرجع إلى هذا كقولك إن لقيته لقيت به أسداً، وإن لقيته ليلقينك منه الأسد، فأنت في هذا كله تعمل في إثبات كونه أسداً، أو الأسد، وتضع كلامك له، وأما في الأول فتخرجه مخرج مالا يحتاج فيه إلى إثبات وتقرير.

والقياس يقتضي أن يقال في هذا الضرب - أعني ما أنت تعمل في إثباته وتزجيته -: أنه شبيه على حد المبالغة، ويقتصر على هذا، ولا يسمى استعارة"

وكأن عبد القاهر بهذا، إنما يعدل التجريد القائم على التشبيه مرحلة زادت


(١) دلائل الإعجاز ٤٥

<<  <   >  >>