للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أنشدنا) كذا، وأنشدنا كذا عقب ذكره لما فهمه عن أبي علي من التجريد.

٣ - أن فهم أبي علي الفارسي للتجريد قد لخصه ابن جنى بعبارته هو؛ يقول: "ومعناه: أن العرب قد تعتقد أن في الشيء من نفسه معنى آخر، كأنه حقيقته ومحصوله؛ رقد يجري ذلك إلى ألفاظها، لما عقدت عليه معانيها، وذلك نحو قولهم: لئن لقيت زيداً، لتلقين منه الأسد، ولئن سألته لتسألن منه البحر، فظاهر هذا أن فيه من نفسه أسداً وبحراً، وهو عينه الأسد والبحر، لا أن هناك شيئاً منفصلاً عنه، وممتازاً منه.

وعلى هذا يخاطب الإنسان منهم نفسه؛ حتى كأنها تقاوله، أو تخاطبه، ومنه قول الأعشى:

وهل تطيق وداعاً أيها الرجل؟

٤ - ومن الأمثلة التي ساقها ابن جنى للتجريد، يمكن أن نقسم التجريد - في رأيه - إلى قسمين:

القسم الأول: ما تضمن مخاطبة الإنسان لنفسه، كما في قول الأعشى: (وهل تطيق وداعاً أيها الرجل؟ ) وقول الآخر: (أقول للنفس تأساء وتعزية)، وقول غيره: (يا نفس صبراً.)

والقسم الثاني: ما لم يتضمن مخاطبة الإنسان لنفسه، كما في قولهم: (لئن لقيت زيداً لتلقين منه الأسد)، (ولئن سألته لتسألن منه البحر)، وكقوله تعالى: "لهم فيها دار الخلد".

٥ - يؤخذ من أمثلة القسم الثاني: أن منه ما يكون قائماً على التشبيه

<<  <   >  >>