للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(قد) وهو: التحقيق، وذلك نحو قول الله تعالى: "هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً (١)؟ " قالوا: معناه: قد أتى عليه ذلك.

ويرى العلامة ابن جنى أن هل يمكن أن تكون مبقاة في هذا الموضع على بابها، من الاستفهام، فكأنه قال - والله أعلم - هل أتى على الإنسان هذا؟ فلابد في جوابه من نعم؟ ملفوظا بها أو مقدرة أي: فكما أن ذلك كذلك، فينبغي للإنسان أن يحتقر نفسه، ولا يفخر بما فتح له.

وهذا كقولك لمن تريد الاحتجاج عليه بالله هل سألتني فأعطيتك؟ ! أم هل زرتني فأكرمتك؟ ! أي: فكما أن ذلك كذلك فيجب أن تعرف حقي عليك، وإحساني إليك.

ويؤكد هذا المعنى عندك: قول الله تعالى: "إنا خلقاً الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً، إنا هديناه السبيل" فعدد الله تعالى عليه أباديه وألطافه. وهذا المعنى الذي يقول به ابن جنى قريب من معنى التقرير، لأن الله تعالى، إنما أتى بالكلام على صيغة الاستفهام لأنه يعلم أن الإجابة لابد أن تكون بنعم وكأنه تعالى، أراد أن يقر الإنسان بحقه عليه، وإحسانه إليه.

ومن ذلك (٢): قول الله تعالى: "يوم نقول لجهنم هل امتلأت؟ وتقول: هل من مزيد؟ " (٣) فقد قالوا: معناه: قد امتلأت، وهو - كما يقول ابن جنى - تفسير على المعنى دون اللفظ، وهل مبقاة على استفهامها


(١) الإنسان ١
(٢) الخصائص ٣/ ٢٦٣
(٣) سورة ق ٣٠

<<  <   >  >>