للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك كقولك للرجل - لا تشك في ضعفه عن الأمر - هل ضعفت عنه؟ وللإنسان - يحب الحياة - هل تحب الحياة؟ أي: فكما تحبها، فليكن حفظك لها، وكما ضعفت عن هذا الأمر، فلا تتعرض لمثله، مما تضعف عنه، وكأن الاستفهام، إنما دخل هذا الموضع، ليتبع الجواب عنه، بأن يقال: نعم، فيحتج عليه باعترافه، فيجعل ذلك طريقاً إلى وعظه، أو تبكيته. من معنى التقرير، لأن الوعظ، والتبكيت إنما يكونان لمن أقر بخطئه.

والدليل على ذلك قول ابن جنى بعد هذا الكلام مباشرة: ولو لم يعترف في ظاهر الأمر به، لم يقو توقيفه عليه، وتحذيره من مثله، قوته إذا اعترف به، لأن الاحتجاج على المعترف أقوى منه على المنكر، أو المتوقف.

ثم يقول: فكذلك قوله سبحانه هل امتلأت؟ فكأنها قالت: لا، فقبل لها: بالغي في إحراق المنكر لذلك، فيكون هذا خطاباً في اللفظ لجهنم، وفي المعنى للكفار.

وكذلك جواب هذا من قولها: هل من مزيد؟ أي: أتعلم يا ربنا أن عندي مزيداً؟ فجواب هذا منه - عز اسمه - لا، أي: فكما تعلم أن لا مزيد، فحسبي ما عندي.

فعلى هذا قالوا - في تفسيره - قد امتلأت، فتقول: ما من مزيد (١).


(١) الخصائص ٣/ ٢٦٤

<<  <   >  >>