للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن المكان لا يسمى مجلساً إلا وفيه قوم، ثم قال: ألا ترى، إلى قول المهلهل: (واستب بعدك - يا كليب - المجلس (١)) على الاستعارة فاطلق الاستعارة على وقوع المجلس هنا بمعنى القوم الذين يجتمعون في الأمور، وليس المجلس إذا وقع على القوم من طريق التشبيه، على وجه وقوع الشيء على ما يتصل به، وتكثر ملابسته إياه.

ثم قال: وأي شيء يكون بين القوم ومكانهم الذي يجتمعون فيه؟ إلا أنه لا يعتد بمثل هذا، فإن ذلك قد يتفق حيث ترسل العبارة (٢) "

ومن هنا سمى المتأخرون هذا النوع من المجاز: المجاز المرسل، أخذاً من قول عبد القاهر: فإن لك قد يتفق حيث ترسل العبارة.

ولما كان التفريق بين نوعي المجاز اللغوي مأخوذاً من نوع العلاقة التي ذكرها ابن جنى - في قوله: كما يسمى الشيء باسم غيره إذا كان ملابساً له. فقد عرفه الخطيب بذكر هذه العلاقة، وهي الملابسة بغير التشبيه، فقال في تعريفه: هو ما كانت العلاقة بين ما استعمل فيه وما وضع له ملابسة غير التشبيه، وذكر من علاقاته:

١ - تسمية الشر ص ١٦٠ باسم سببه، كاستعمالهم البد في النعمة، كقولك: لفلان على يد لا أنكرها.

٢ - تسمية الشيء باسم المسبب: كقولهم أمطرت السماء نباتاً

٣ - تسمية الشيء باسم جزئه، كاستعمال العين في الربيئه، لكون الجارحة المخصوصة هي المقصود في كون الرجل ربيئة، لأن ما عداها


(١) الموازنة ٣٥٧ والحيوان للجاحظ ٣/ ١٢٨، ديوان المعاني ١/ ٢٠٤ والصناعتين ٢٠٣
(٢) أسرار البلاغة ٣٧١

<<  <   >  >>