للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باباً بعينه وإن كان يرى أن المجاز يشمل التشبيه والاستعارة والكناية ثم عرفه ومثل له بقوله "أن يسمي الشيء باسم ما قاربه" أو كان منه بسبب، كما قال جرير:

إذا سقط السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضاباً

أراد المطر، لقربه من السماء (١).

وكأن ابن رشيق لما رأى ابن جنى يقول: لا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا لمعان ثلاثة هي الاتساع، والتوكيد، والتشبيه، ثم رآه يفرد لهذا النوع من المجاز اللغوي باباً خاصاً، قال: إنهم خصوا به باباً بعينه، ثم حاول أن يثبت أن التشبيه والكناية من المجاز (٢)، دون أن يلحظ أن ابن جنى بتخصيصه لهذا النوع باباً، قد قسمه إلى قسمين: قسم قائم على التشبيه، وقسم قائم على ملابسة من الملابسات غير التشبيه، وأن الشريف الرضى قد قسمه - أيضاً - متابعاً لابن جنى.

وكان صنيع ابن جنى، والشريف الرضى في التفريق بين قسمي المجاز اللغوي دافعاً لعبد القاهر الجرجاني المتوفى سنة ٤٧١ هـ إلى أن يعيب على الآمدي إطلاقه اسم الاستعارة على (المجلس) في قول البحتري:

فكأن مجلسه المحجب محفل ... وكأن خلوته الخفية مشهد

ثم يفرق التفريق النهائي بين القسمين، فيقول عن أبي القاسم الآمدي:

قال - في أثناء فصل يبحث فيه عن شيء اعترض به على البحتري في قوله:

فكأن مجلسه المحجب محفل ... وكأن خلوته الخفية مشهد


(١) العمدة: ١/ ٢٦٦
(٢) العمدة: ١/ ٢٦٨

<<  <   >  >>