للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هي لم يجز، .. ولأن المضارع أسبق في الرتبة من من الماضي؛ فإذا نفى الأصل كان الفرع أشد انتفاء.

وكذلك - أيضاً - حديث الشرط. في نحو إن قمت؛ جئت فيه بلفظ الماضي، الواجب تحقيقاً للأمر، وتثبيتاً له، أي: إن هذا وعده وفي به لا محالة كما أن الماضي واجب ثابت - لا محالة.

ونحو من ذلك: لفظ الدعاء، ومجيئه على صورة الماضي الواقع، نحو: (أيدك الله) و (حرسك الله)، إنما كان تحقيقاً له، وتفؤلاً بوقوعه أن هذا ثات بإذن الله، وواقع غير ذي شك؛ وعلى هذا يقول السامع للدعاء - إذا كان مريداً لمعناه - وقع إن شاء الله، ووجب - لا محالة - أن يقع ويجب.

فالغرض البلاغي من وضع الماضي موضع المضارع، هو: إرادة تحقق الوقوع والتأكيد على أنه واقع لا محالة، لأنه أراد الاحتياط للمعنى، فجاء بمعنى المضارع المشكوك في وقوعه بلفظ الماضي المقطوع بكونه، حتى كان هذا، قد وقع، وأستقر لا أنه متوقع مترقب (١)!

يقول ابن جنى بعد هذا الكلام، وهذا تفسير أبي علي عن ابي بكر؛ وما أحسنه!

ولله ابن جنى، ما أروعه، وهو يقدم لنا الفكرة رائعة، منسوبة إلى أصحابها الحقيقييين!

وأما وضع المضارع موضع الماضي، فقد ذكر ابن جنى أن الغرض


(١) الخصائص ٣/ ٣٣١

<<  <   >  >>