للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا الضرب - كما يقول-: ضد الفصاحة، لأن الفصاحة هي الظهور والبيان وهذا عار عن هذا الوصف (١).

ويؤخذ مما أوردناه لابن جنى في ذلك الفصل ما يلي:

١ - أن الأمور التي يفرق بها بين المضاف والمضاف إليه، أو بين الفعل والفاعل، أو بين المبتدأ والخبر أو بين الصفة والموصوف، أو ينتج عنها تقديم وتأخير على غير وجهه الصحيح، مما يؤدي بالكلام إلى ما أسماه المتأخرون تعقيداً لفظياً، أو ما يسميه ابن الأثير معاظلة معنوية.

٢ - أن تلك الأمور - وإن كانت تدل على تعسف الشاعر وجوره، إلا أنها لا تدل على ضعف لغته، بل إنها مؤذنة بعلو قدمه في ميدان الفصاحة لأنه إنما فعل ما فعل ثقة منه بالتمكن من اللغة، والقدرة على إمتلاك زمامها ولهذا جعل ابن جنى هذا الفصل من بين فصول شجاعة العربية.

٣ - أن تلك الأمور، وإن كانت تدل على قدرة الشاعر وتمكنه من لغته، إلا أنه لا يجوز القياس عليها، بل يجب الابتعاد عن مثلها، ولهذا فإنه يقول معلقاً، على بيت ضم شيئاً منها: "غير أن فيه ما قدمنا ذكره من سمو الشاعر وتغطرفه، ويأوه وتعجرفه، فاعرفه واجتنبه (٢).

ويقول معلقاً على غيره: "فمثل هذا لا نجيزه للعربي أصلاً فضلاً عن أن تتخذه للمولدين رسماً (٣).

٤ - أن درجات القبح تتفاوت بين تلك. الفروق، والفصول"، حتى فصل إلى ما يعد ضرورة مستساغة من ضرورات الشعر.


(١) المثل السائر ٢/ ٢٢٣
(٢) الخصائص ٢/ ٣٩٣
(٣) الخصائص ١/ ٣٣٠

<<  <   >  >>