ثم راجع فكرتك، واشحذ بصيرتك، وأحسن التأمل، ودع عنك النجوز في الرأي، ثم أنظر: هل تجد لاستحسانهم، وحمدهم، وثنائهم ومدحهم منصرفاً إلا، إلى استعارة، وقعت موقعها، وأصابت غرضا؟ ؛ أو حسن ترتيب، تكامل معه البيان، حتى وصل المعنى إلى القلب، مع وصول اللفظ إلى السمع، واستقر في الفهم مع وقوع العبارة في الأذن؟ ! وإلا إلا سلامة الكلام من الحشو غير المفيد، والفضل الذي هو كالزيادة في التحديد؟ !
وذلك أن أول ما يتلقاك من محاسن هذا الشعر أنه قال:(ولما قضينا من منى كل حاجة) فعبر عن قضاء المناسك بأجمعها، والخروج من فروضها وسننها من طريق أمكنه أن يقصر معه اللفظ، وهو طريقة العموم، ثم نبه بقوله:(ومسح بالأركان من هو ماسح) على طواف الوداع الذي هو آخر الأمر، ودليل المسير الذي هو مقصوده من الشعر ثم قال:(أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا)، فوصل بذكر مسح الأركان ملوليه من ذم الركاب، وركوب الركبان، ثم دل بلفظه الأطراف على الصفة التي يختص بها الرفاق في السفر من التصرف في فنون القول، وشجون الحديث، أو ما هو عادة المتطرفين، من الإشارة والتلويح، والرمز، والإيماء، وأنبأ بذلك عن طيب النفوس. وقوة النشاط، وفضل الأغتباط، كما توجبه