للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والآخر: ما هو عادة المتطرفين، من الإشارة، والتلويح، والرمز، والإيماء.

ومما يؤيد وجهة نظر ابن جنى من أن غرض الشاعر، إنما هو التعريض بقضاء مآرب قلبه؛ قوله:

ولم يبصر الغادي الذي هو رائح

ثم قوله قلوباً بالأحاديث واشتفت ... بذاك صدور، منضجات قرائح

ولم نخش ريب الدهر في كل حالة ... ولا راعنا منه سنيح، وبارح

على أن كلا من الإمامين: عبد القاهر، وابن جنى، يقصد بحديثه عن الأبيات السابقة أن العناية بالألفاظ فيها، إنما هي عناية بالمعنى، لأن الألفاظ خدم للمعاني وقد أنبأت الألفاظ - في الأبيات - عن معاني شريفة، وضحها كل من الإمامين.

وقد أوحى ذكر التعريض، والإشارة، والتلويح والرمز، والإيماء، للإمام أبي يعقوب السكاكي المتوفى سنة ٦٣٦ هـ. أن يقسم الكناية إلى تعريض، وتلويح، ورمز، وإيماء، أو إشارة، فإن كانت عرضية، فالمناسب أن تسمي تعريضاً، وإلا فإن كان بينها وبين المكنى عنه مسافة متباعدة لكثرة الوسائط - كما في كثرة الرماد وأشباهه - فالمناسب أن تسمى تلويحاً، لأن التلويح هو أن تشير إلى غيرك عن بعد، وإلا فإن كان فيها نوع خفاء، فالمناسب أن تسمى رمزاً، لأن الرمز هو أن تشير إلى قريب منك على سبيل الخفية، وإلا فالمناسب أن تسمى إيماء، أو إشارة (١)


(١) المفتاح ١٧٣ والإيضاح ١٨٨
(٥ - الخصائص)

<<  <   >  >>