للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بصاحبه إلى غاية بعيدة مترامية، كالذي في قوله تعالى: "تكاد السموات يتفطرن منه، وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً؛ أن دعوا للرحمن ولداً" (١).

وقد يكون في خفة النطق بلفظة (كسبت) وشدته بلفظة (اكتسبت) ما يشير إلى سهولة طرق الخير، ويسر العمل بها، ووعورة طرق الشر" وشدة العمل بها، لما يرتكب فيها صاحبها من أخطاء، ويقترف من أخطار، ويتحمل من آثام.

وكذلك توحي خفة النطق (بالحسنة) إلى سهولة عملها، ويسره، كما توحي شدة النطق (بالسيئة) إلى شدة المعاناة في اقترافها.

وأما ما مثل به ابن جنى لقوة اللفظ لقوة المعنى فهو بيت الكتاب:

إنا اقتسمنا خطتينا ... فحمل برة، واحتملت فجار

حيث عبر عن البر بالحمل، وعن الفجرة بالاحتمال، ثم قال: وهذا هو ما قلناه في قوله - عز وجل -: "لها ما كسبت، وعليها ما اكتسبت"، لا فرق بينهما.

وأما ما جاء من تكثير اللفظ لتكثير المعنى: فقولهم: رجل جميل، ووضئ، فإذا أرادوا المبالغة في ذلك قالوا: وضاء، وجمال، فزادوا في اللفظ هذه الزيادة، لزيادة معناه، قال الشاعر:

والمرء يلحقه بفتيان الندى ... خلق الكريم، وليس بالوضاء


(١) مريم ٩٠، ٩١

<<  <   >  >>