قولُهُ:{لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}{لَهُ} أي: للهِ وَحْدَهُ، وإنما قلنا: وَحْدَهُ؛ لأنَّ تقديمَ الخبرِ يدلُّ على الحصْرِ، بل القاعدةُ أوسعُ من هذا: تقديمُ ما حقُّهُ التأخيرُ يُفيدُ الحصرَ، حتى لو قلتَ: زيدًا أَكْرَمْتُ. يعني: أنك لم تُكْرِمْ غَيْرَهُ؛ لأنك قَدَّمْتَ المعمولَ فنقولُ له: أيْ لا لغيرِه.
قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أيْ: مفاتيحَ خَزَائِنِهِما]. فَجَعَلَ المقاليدَ بمعنى مفاتيحَ.
ولكن من حيث اللغةُ العربيَّةُ لا تتناسبُ مع الإشتقاقِ؛ لأنَّ (مقاليدَ) مأخوذٌ من القلادةِ؛ يعني: أزمَّةُ الأمورِ في السَّمواتِ والأرضِ كُلُّهَا بيدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، كما تقولُ: قلادةُ البعيرِ؛ لأنك تَجُرُّها بها، فالظاهرُ - واللهُ أَعْلَمُ - أن المفسِّرَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَسَّرَها بما يخالفُ الظاهرَ.
لكنَّ بعضَ الناسِ يقولُ: إن (مقاليدَ) اسمٌ أعجميٌّ مُعَرَّبٌ والمقلادُ بمعنى المفتاحِ، لكن هذا قولٌ ضعيفٌ بلا شكٍّ؛ لأنَّه يجبُ ألا نَلْجَأَ إلى التعريبِ إلا للضرورةِ، يعني: لا يُمْكِنُ أن نقولَ: هذه كلمةٌ أصْلُها فارسيَّةٌ، أصْلُها روميَّةٌ، أَصْلُها كذا،