للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٤٠)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: ٤٠].

* * *

قولُهُ: [{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} سُمِّيَت الثَّانيةُ سَيِّئَةً؛ لمُشَابَهَتِها للأُولى في الصُّورةِ، وهذا ظاهرٌ فيما يُقْتَصُّ فيه من الجِراحاتِ، قال بعضُهُم: وإذا قال له أخزاك اللهُ، فيجيبُه أخزاك اللهُ] قولُهُ: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} هذه في الحقيقةِ قاعدةٌ أنَّ للإنسانِ أن ينتقم لنفْسِه السَّيِّئَةِ بمِثْلِها لا يَزيدُ؛ لأنَّه إن زاد فقد ظَلَمَ، والزِّيادةُ قد تكونُ في الكمِّيَّةِ، وقد تكونُ في الكيفيَّةِ، وقد تكونُ في النَّوعيَّةِ.

فإذا انتصر لنفْسِه فَضَرَبَ من ظَلَمَه ثلاثًا وقد ظَلَمَه باثْنَتَيْنِ هذا من بابِ الكمِّيَّةِ. وإذا ضَرَبَ من ضَرَبَه ضَرْبًا خفيفًا فانتصر لنفْسِه بِضَرْبٍ ثقيلٍ. هذا من بابِ الكيفيَّةِ، وإذا ضَرَبَ من اعتدى عليه بسوْطٍ ضعيفٍ بسوْطٍ أكْبَرَ، هذا من بابِ النَّوعيَّةٍ.

المهِمُّ: أنَّه لابدَّ أن تكونَ المُجازاةُ بمثْلِ السَّيِّئَةِ الَّتي أُسِيءَ إليه فيها ولا تزيدُ، فإن زاد فهو ظالمُ: ولهذا يُقالُ: هذه بهذه والبادئُ أَظْلَمُ.

فإن قال قائلٌ: إذا ظُلِمَ فدعا على الظَّالِمِ فهل لا يجوزُ له أن يَدْعُوَ عليه بأكثَرَ من مَظْلمَتِهِ.

<<  <   >  >>