للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٢٧)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} [الشورى: ٢٧].

* * *

قال تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ} {بَسَطَ} بمعنى وَسَّعَ، كما قال تعالى: {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ} [البقرةِ: ٢٤٥]، وقال عَزَّ وَجَلَّ: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الزُّمَرِ: ٥٣]، فالبسطُ بمعنى التوسيعِ، يعني: لو وَسَّعَ اللهُ الرزْقَ للعبادِ لبغَوْا في الأرضِ.

وقولُهُ: {لِعِبَادِهِ} قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [جميعُهُم] يعني: لو كان كلُّ الناسِ أغنياءَ بُسِطَ لهم في الرِّزْقِ لبغوْا في الأرضِ.

قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لَبَغَوْا} جميعُهُم {فِي الْأَرْضِ} أي: طَغَوْا فيها] وتجاوزوا حدودَهم؛ وذلك لأن الجميعَ كانوا في رفاهيةٍ وفي رزقٍ واسعٍ ولا رادعَ ولا اعتبارَ ولا اتِّعَاظَ.

وأيضًا لو بَسَطَ اللهُ الرزقَ لجميعِ العبادِ لفسدت الدنيا؛ لأنَّه لولا هذا التفاضلُ بين العبادِ في الرِّزْقِ ما خدم أحدٌ أحدًا، ولا استقامت الأحوالُ، لو كان الناسُ كُلُّهُم على حدٍّ واحدٍ في الغنى، وطلبت من شخصٍ أن يعملَ لك فإنه لن يستجيبَ؛ لاستغنائِهِ بما عنده، ولكنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَضَّلَ بعضَ الناسِ على بعضٍ، ورَفَعَ بعضَهُم

<<  <   >  >>