للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآيتان: (٤٩، ٥٠)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشُّورَى: ٤٩ - ٥٠].

* * *

قولُهُ: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الجملةُ خبريَّةٌ خَبَرُها مُقَدَّمٌ يُرادُ به الحصْرُ؛ لأنَّ القاعدةَ البلاغيَّةَ أنَّ تقديمَ ما حقُّهُ التَّأخيرُ يدلُّ على الحصْرِ والإختصاصِ، إذن {لِلَّهِ} لا لغيِرِهِ {مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}؛ أي: خَلْقًا وتدبيرًا، فاللهُ تعالى مالكُ السَّمواتِ والأرضِ خَلْقًا وتدبيرًا؛ ولهذا قال: {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} وقولُهُ: {يَخلُقُ مَا يَشَاءُ} (ما) هذه موصولةٌ، ويُعَبَّرُ عنها غالبًا لما لا يَعْقِلُ، وكان التَّعبيرُ بـ (ما) ليعُمَّ الأعيانَ والأوصافَ؛ لأنَّه إذا قُصِدَتِ الأوصافُ عُبِّرَ بـ (ما) ولو كان لعاقلٍ.

انظرْ إلى قولِ اللهِ تعالى: {مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النِّساءِ: ٣]، ولم يَقُلْ: مَن طاب، مع أنَّ النِّساءَ من العقلاءِ، لكن لما كانت المرأةُ إنما تُنْكَحُ من أجْلِ صفاتِها لا لعَيْنِها قال: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}.

وهنا {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} نَقُولُ: عَبَّرَ بـ (ما)؛ لأنَّ المقصودَ بذلك الأعيانُ والأوصافُ، أمَّا الأعيانُ فلو سُئِلْنَا أيُّهما أكثرُ العاقلُ أو غيرُ العاقِلِ؟

فالجوابُ: على الأرضِ غيرُ العاقلِ، لكن في السَّماءِ لا، فالسَّماءُ أَوْسَعُ من

<<  <   >  >>