للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعني: أنَّها من أخواتِ (ظَنَّ) تنصبُ مفعولين، أين المفعولان؟ يقولُ المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: "إنَّ عَمَلَها مُعَلَّقٌ الآن"، مُعَلَّقٌ بالنفْيِ، فجملةُ النَّفيِ سَدَّتْ مَسَدَّ المفعولين، وهذا يُعْلَمُ من درسِ النَّحْوِ؛ لأنَّ أفعالَ القلوبِ إمَّا أن تَعْمَلَ، وإمَّا أن تُعَلَّقَ، وإمَّا أن تُلْغَى، إذا أُلْغِيَتْ بَطَلَ عَمَلُها في المحلِّ واللَّفظِ، وإذا عُلِّقَتْ بَقِيَ عَمَلُها في المحلِّ دُونَ اللَّفظِ، وإذا عَمِلَتْ عَمِلَت باللَّفظِ والمحلِّ.

[من فوائد الآيات الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: التَّهديدُ بإغراقِ السُّفنِ؛ لقولِهِ: {أَوْ يُوبِقْهُنَّ} وقد عَلِمْتُمْ قبلَ قليلٍ أنَّ الرِّياحَ بالنِّسبةِ للسُّفنِ تَنْقَسِمُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ: ريحٍ مناسبةٍ طَيِّبَةٍ، وريحٍ عاصفةٍ مدمِّرةٍ مُغْرِقةٍ، وريحٍ ساكنةٍ تُبْقِي السَّفينةَ راكدةً على ظَهْرِ الماءِ.

فمن فوائِدِها التَّهديدُ بإغراقِ السُّفنِ بالمعاصي.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: التَّحذيرُ من المعاصي، وأنَّها سببٌ للعقوباتِ؛ لقولِهِ: {بِمَا كَسَبُوا}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يعفو عن كثيرٍ من السَّيِّئاتِ فلا يُعَاقِبُ عليها؛ لقولِهِ: {وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ} يعني: حتَّى مع إغراقِ السُّفنِ يعفو اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عن كثيرٍ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: تهديدُ أولئك العصاةِ بأنَّه ليس لهم مهربٌ من اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لقولِهِ: {وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا}.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: ذَمُّ المجادَلَةِ لإبطالِ الحقِّ، تُؤْخَذُ من قولِهِ: {وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ} أمَّا المجادَلَةُ لإثباتِ الحقِّ فإنَّها واجبةٌ حيث كان الإنسانُ يُجيدُها ويُحْسِنُها،

<<  <   >  >>