للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآيات (٣٢ - ٣٥)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (٣٢) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣٣) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ} [الشُّورَى: ٣٢ - ٣٥].

* * *

قَوْلُهُ: {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ} {مِنْ} للتبعيضِ، و {آيَاتِهِ} علاماتُهُ الدَّالَّةُ على رحمتِهِ وقُدْرَتِهِ وحِكْمَتِه {الْجَوَارِ} مبتدأٌ مؤخَّرٌ، ولكنَّها مُعْرَبَةٌ بتقديرِ الضَّمَّةِ على الياءِ المحذوفةِ للتَّخفيفِ، وأصْلُ {الْجَوَارِ} الجواري بالياءِ جَمْعُ جاريةٍ، والجاريةُ هي السَّفينَةُ، كما قال اللهُ تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [الحاقَّةِ: ١١].

من آياتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ هذه السُّفنُ في البحرِ على الماءِ {كَالْأَعْلَامِ} قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [أي: كالجبالِ في العِظَمِ]. هذه السُّفُنُ العظيمةُ المحمَّلَةُ بالأموالِ والأناسيِّ والحيوانِ من آياتِ اللهِ، أن تكونَ في هذا البحرِ المتلاطِمِ تمشي على الماءِ، تَنْخُرُ عُبَابَ الماءِ بما فيها من الأرزاقِ، لا شكَّ أنها من آياتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

هَدَّدَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى راكِبِيها بما يلي {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} هذا أدنى عقوبةٍ يُسْكِنُ الرِّيحَ فَيْظَلْلَن رواكِدَ على ظَهْرِه؛ لأنَّ السُّفُنَ سابقًا إنَّما تمشي حَسَبَ الرياحِ؛ لأنَّها تمشي على شِراعٍ، شراعٍ طويلٍ فتصطدمُ به الرِّياحُ فتسيرُ، فإذا سَكَنَتِ الرِّياحُ وَقَفَت؛ ولهذا قال: {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ}؛ أي: الجواري

<<  <   >  >>